محمد سليمان العنقري
شهد يوم الأحد الماضي حدثاً تاريخياً في قطاع العقار أحد أهم الأسواق في المملكة، حيث أُطلقت بشكل رسمي البورصة العقارية، والتي ستشمل العديد من الخدمات،
فهي منصة رقمية تقدم خدمات مبتكرة ومرقمنة للسوق العقاري، كما تتيح البورصة خيارات متعددة للمؤشرات والاستعلام عن العقارات بكل يسر وسهولة وموثوقية، وتعد منصة متكاملة لإدارة الثروة العقارية. وسبق التدشين الرسمي قيام وزارة العدل -وهي المشرفة على البورصة- بإطلاق النسخة التجريبية في نوفمبر 2021 والتي شملت في حينها الصفقات المباشرة والجديدة، والعروض العقارية، والرهن العقاري، والاستعلام عن الصكوك، وتحديث الصك العقاري، أي أنها خضعت للاختبار والتحربة لمدة تقارب العامين حتى تم التأكد من أنها ستحقق مستهدفاتها بموثوقية وبكل الخدمات التي يحتاج إليها السوق للمساهمة بضبطه ورفع كفاءته ومعرفة لحجمه بشكل تفصيلي، نظراً لما لذلك من أهمية في معرفة جزء مهم من توجهات السيولة والاستثمار في الاقتصاد إلى جانب بقية الأسواق كالمالية أو الاستهلاكية وغيرهما.
بداية، فالبورصة وبحسب تصريح المشرف العام عليها الأستاذ أحمد السلمان تنقسم إلى قسمين، الأول وهو «التوثيق» والذي يشمل أمورًا عديدة، من أهمها إفراغ الصكوك وتسجيل الرهون العقارية، وكل ما يتعلق بها وفرز ودمج الصكوك. وبما أن عمل البورصة متاح على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع فإن من شأن ذلك أن يسرع وينهي كل عمليات التوثيق بمختلف أنواعها بوقت قصير جداً ودون الحاجة لمراجعة كتابات العدل، وهو ما يندرج نحو التحول الرقمي الكبير الذي تشهده المملكة بشتى المجالات، وتعد وزارة العدل من السباقين بين الجهات الرسمية في تحويل الكثير من خدماتها للتعاملات الإلكترونية والرقمية الموثوقة والمحوكمة بأعلى المعايير التي تضمن أمن وسلامة المعلومات وتسهيل الإجراءات، فالعقارات أصول رئيسية ذات قيمة كبيرة، وهي مخزن الثروة للكثير من الأفراد والمنشآت، والبورصة ستوفر لملاك العقارات كل الخدمات المتعلقة بالتوثيق، وبدلك ستنتهي الكثير من الأعمال التوثيقية التي كانت تأخذ وقتاً وجهداً سابقاً.
أما القسم الآخر من عمل البورصة فهو «التداول» والذي يعد من أهم ما كان يحتاج إليه سوق العقار لرفع مستوى الشفافية والإفصاح الدقيق فيه عن الصفقات والأسعار بشكل تفصيلي، فمن خلال البورصة يمكنك تداول عقارك بحرية، أي تعرضه للبيع وتحدد السعر، ويمكنك قبل ذلك أن تطلع على الأسعار في الحي الذي ترغب البيع فيه أو الشراء، بل يمكنك أن تستعرض الأسعار لفترات سابقة وتصل للمتوسط بكل فترة، كما تمكنك البورصة من معرفة تاريخ التعاملات التي تمت على العقار الذي تنوي شراءه كم مرة تداول وهل كان عليه عملية رهن سواء حالياً أو سابقاً، بالإضافة لكل مواصفات العقار، كما تنوي البورصة إدخال خدمة المزادات مستقبلاً، فالبورصة تحاكي لحد كبير ما يتم ببورصات الأسهم، إذ يمكنك معرفة تفاصيل التداولات لأي فترة تبحث عنها وتوضح لك حركة السعر على الورقة المالية سابقاً وحالياً وبشكل فوري، فالعقارات المعدة للبيع أصبحت معلوماتها متاحة مما يحد من تأثير الإشاعات أو نشر معلومات غير دقيقة أو مضللة عن الأسعار والتداولات في أي حي أو مدينة أو عقار، فكل ما تريد معرفته ستجده بالبورصة بالإضافة إلى توفيرها مؤشرات تعطيك معلومات وإحصاءات عن كل ما تم من تداولات لتحليلها والاستناد عليها، سواء للأفراد لمعرفة ما يدور بالسوق أو للأطراف العاملة من مسوقين ومستثمرين ومطورين لمساعدتهم بقراءة توجهات السوق.
مرحلة جديدة يدخلها سوق العقار قائمة على التنظيم المحكم والرقابة الشديدة والتي ستساعد على تحقيق أعلى درجات الموثوقية ودقة معلومات السوق مما سينعكس بإيجابية كبيرة عليه، يمكن أن تسهم أيضاً بزيادة حجم تداولات العقارات وتسريع التنفيذ، حيث توفر البورصة خدمات عديدة تشمل تفاصيل الصفقات والعروض العقارية والرهن العقاري والاستعلام عن الصكوك، وهي مسألة في غاية في الأهمية للتأكد من سلامة الصك وعدم وجود ما يمنع من تدواله لأي سبب، بالإضافة إلى تحديث الصك العقاري، فكل المعلومات والخدمات التي شملتها البورصة تهدف إلى ضبط عمليات السوق ومنع أي تلاعبات أو محاولات لرفع الأسعار أو تخفيضها، وتسهم كذلك في توفير البيانات بجودة وكفاءة عاليتين، وتحقيق الشفافية وحرية العرض والطلب، ما يعزز العدالة في تعاملات السوق وفك الاحتكار، فأي سوق يحتاج إلى الوضوح بتفاصيله لتمكين المتعاملين من الوصول لأفضل نسبة من جودة القرار في عملياتهم المالية والاستثمارية فيه.