د. محمد بن أحمد غروي
دراسات مرعبة حول المستقبل المظلم لسكان الأرض؛ بسبب الآثار التي خلفتها الخسائر الاقتصادية، بيد أن دول جنوب شرقي آسيا تكاد تكون هي الأكثر سوداوية للتغيرات الكونية المناخية، فدول «الآسيان» تتعرض إلى موجات حارة غير مسبوقة وطقس جوي أفضل ما يوصف به من أنه «سيىء»، وما ترتب على ذلك من فيضانات وأعاصير ارتفعت معدلاتها مقارنة بالدول الأخرى.
وهناك أبحاث استشرافية نشرت العام الماضي لدول غربية وشرق آسيوية تنبأت بكوارث اقتصادية جمعية لدول «آسيان» ناجمة عن الظواهر الجوية السيئة التي سيشهدها الإقليم خلال السنوات القليلة المقبلة، وتستشرف تلك الدراسات بأن دول الأرخبيل مهددة بفقدان 35 % من ناتجها المحلي الإجمالي قبل عام 2050، فيما ستطال الخسائر الاقتصادية الفادحة عدداً من القطاعات الحيوية أكثر من غيرها كالزراعة والسياحة والثروة السمكية إلى جانب الأضرار التي ستقلل من الإنتاجية والصحة العامة لدول يتجاوز عدد سكانها 650 مليار إنسان، ويعضد ذلك ما أشار إليه البنك الدولي في تقاريره المتخصصة التي تؤكد احتمالية تقلص الناتج الإجمالي المحلي للإقليم بنسبة 11 % في السنوات القادمة بسبب «التغير المناخي».
الناتج الحتمي عن ذلك هو تدهور أحوال المعيشية والتأثر بجفاف الأرض، فالخطر وجودي لدول الأرخبيل قادم أيضاً لسكان دول المنطقة، وسيشمل حياتهم وأمنهم الغذائي وصحتهم، إلى جانب إمكانية النزوح للدول الأخرى هرباً من الكوارث المناخية.
دول مجلس التعاون لسيت بمنأى عن كوارث مناخية القادمة، ورغم إدراك المملكة وأشقائها الخليجيين بأهمية التحرك السريع للحد من احترار الكوكب، ومخاطرة الاقتصادية والوجودية، فدولنا تتعرض لعدد من التحديات المناخية مثل: التصحر، وخسارة التنوع البيولوجي، وندرة المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، التي يمكن أن تزداد حدتها في حالة الإحجام عن التعامل مع هذه القضية، فتوقعات الوكالات العالمية، تشير إلى أن مدننا ومناطقنا الخليجية من الممكن ألا تكون صالحة للحياة بحلول 2050، بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.
وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، فإن الدول الخليجية قد تستقبل ما يصل إلى 143 مليون مهاجر بسبب التغيرات المناخية معظمهم من دول جنوب شرقي آسيا، وذلك بحلول 2030. كمراقب أعول كثيراً على قمة «آسيان» ومجلس التعاون الخليجي المتوقع عقدها قريباً، خاصة بعد التقارب السعودي المتنامي تجاه دول آسيان، حيث اتخذت الرياض خطوات واسعة متسارعة موجهة نحوها، فالسعودية هي بوابة الخليج العربي إلى تكتل الأرخبيل.
الرياض التي دعت ثلاث دول من الرابطة خلال رئاستها لمجموعة الـ20 في عام 2020، حيث حلت سنغافورة وفيتنام ضيفتين على المنتدى العالمي، إلى جانب إندونيسيا إحدى أعضاء المجموعة، كذلك شهد الخليج العربي ودول جنوب شرق آسيا زيارات مكثفة رفيعة المستوى خلال الجائحة وبعدها، ثم زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى إندونيسيا وماليزيا في يونيو الماضي، وزيارة رئيس الوزراء التايلاندي أعقبتها زيارة محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان إلى بانكوك، وزيارة رؤساء وزراء ماليزيا، وتوج ذلك بموافقة مجلس الوزراء على انضمام المملكة وتوقيع سمو وزير الخارجية قبل أسابيع لمعاهدة الصداقة والتعاون، مع رابطة آسيان، ليمثل انضمامها للمعاهدة مرحلة جديدة في طريق توطيد العلاقات بين آسيان والخليج، خاصة مع تشابه الكتلتين في عدة أوجه.