علي الخزيم
- حين نحترم خصوصية أجساد أطفالنا فإننا بذلك نبني مَصدَّات قوية لحمايتهم من تحرش الأشقياء والفاسدين أخلاقياً، لا سيما أن التحرش بأنواعه وطرقه كافة باتت حقيقة لا ريب فيها؛ بل إنها من أقبح ما يمكن أن توصف به تصرفات المُتحرش المعتدي، وبهذا الشأن لا يكفي حسن النية وذرائع الرِّيبة والشك حيال جريمة المعتدي.
- والجهود المجتمعية تشمل الجهود الفردية والأُسرية والمدرسية والإعلامية والأمنية وكافة مؤسسات المجتمع؛ وكل من يمكنه نشر وتعميم ثقافة التَّصدي لهذه الأفعال المُستقبَحة قديماً وحديثاً، فغياب الحديث عنها أو قلته قديماً لا يعني انعدامها، غير أن تطور وسائل التواصل المجتمعي كشف بعض الأسرار المستترة.
- الأنظمة بالمملكة العربية السعودية تُجَرِّم التحرش بكافة تصنيفاته وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وتسعى الأجهزة المختصة باهتمام بالغ لمكافحة وقوعه؛ ومعاقبة من يقترف مثل هذه الجريمة لحماية المَجْني عليهم وحفظ المجتمع من شرورهم، في إطار من حفظ خصوصية الفرد وصيانة كرامته المكفولة شرعاً ونظاماً، وتطبيقاً للرؤية السعودية المباركة لتمكين المجتمع بكل فئاته من المشاركة بالتنمية السعودية الشاملة.
- وبحسب حديث مُتَلفز لمتحدث أمني بوزارة الداخلية فإن لدى الوزارة (إدارة مكافحة الجرائم المعلوماتية): شُعبة لمكافحة استغلال الأطفال عبر شبكة المعلومات الإلكترونية ووسائل التواصل؛ وهي تستقبل وتعالج كافة قضايا التَّجني على الأطفال والقُصَّر، مع مراعاة التكامل بين نظام حماية الطفل ونظام مكافحة التحرش، كما أن للمملكة دوراً كبيراً وفاعلاً على مستوى الجهود الدولية للتصدي لهذه الجرائم المصنفة بأنها عابرة للحدود.
- إدارة مكافحة الجرائم المعلوماتية بالأمن العام والجهات الأمنية السعودية ذات العلاقة تباشر بلاغات جرائم التحرش بمهنية وإمكانات فنية وتقنية عالية، وخبرات بشرية مؤهلة تؤدي واجباتها بدقة وإخلاص، ويتم اتخاذ الإجراءات بسرعة قصوى حال التأكد من صحتها، ومن ثمَّ إقرار العقوبات المناسبة المنصوص عليها بالأنظمة.
- قد يخلط البعض بين ما يُعرف بالاستغلال الجِنسِي تجاه الأطفال والقاصرين وبين التحرش، فالأول قد يتعرض له الصغار برضاء ظاهري نتيجة جهل وثغرات ضعف لدى المراهق يَستغلّه المعتدي بدعاوى مُخاتِلة كالصُّحبة والحُب والاهتمام ونحوها، أما التحرش - لفظياً أو جسدياً - فهو اعتداء وجُرم يحدث خلسة أو عنوة وبالحيلة المُفتَعلة يخُطط لها المتحرش وتساعده خبراته السابقة بمخاتلة صغار ومراهقين وإفلاته من العقاب.
- من وسائل الحماية الأُسرية لصغارنا الاقتراب منهم وجدانياً وأن نتعامل معهم كأصدقاء بقدر الممكن، ومواجهة مشكلاتهم وتساؤلاتهم - حتى العميقة منها - بصدور رحبة وإبداء الاهتمام اللازم تجاههم، وإن لم يكن الوقت مناسباً نأخذ بخواطرهم ونعدهم بأننا سنتناول الموضوع لاحقاً ونفي بالوعد، ومما يُنَفِّر الصغار منا ويتركهم فريسة للمعتدين والمتحرشين هو صدهم بطرق مُهينة والصراخ بوجوههم بدعوى الانشغال أو إرهاق العمل، فأهم بدايات الحماية مَنْحهم جرعات الثقة بالنفس وإعلاء إدراكهم لقيمة أجسادهم وحرمتها.
- وبعد: فإنها رسالة توعوية اجتماعية لن تكون الأخيرة؛ فالواجب يدعو للتنبيه إزاء هذه القضية وأمثالها بين حينٍ وآخر حماية للمجتمع بأسره من عبث العابثين، وجرائم المفسدين.