عبد الله سليمان الطليان
في المعجم تعريف المغفل: هو قليل الفطانة لا يحسن التصرف لسذاجته وبساطة تفكيره, ولعل من أشهر الكتب التي تعطينا صورة واضحة عن صفة المغفل هو كتاب ابن الجوزي (أخبار الحمقى والمغفلين) حيث عرض فيه الكثير من المواقف عن المغفلين من أقوال وأفعال وقعت في الماضي يؤخذ على بعض منها المبالغة والزيادة، ولكنها تبقى معبرة عن هذه الصفة.
لاشك أن أحداً منا يريد أن يوسم بأيٍّ من علامات تلك الصفة، وخاصة إذا انحدرت أكثر وارتبطت بالسذاجة التي هي سلامة النية وقلة النباهة والدهاء صاحبها ينخدع بسهوله قليل التبصر بالأمور يفتقد إلى الذكاء والحكمة، مع أن كل هذه الصفات معيبة للشخص وتحط من قيمته وتقديره، وهي ليست ذات خلفية صحية أو وراثية ولكنها تعتبر وصمة عار على الشخص السوي، سوف أتوقف عند سلامة النية والتي هي (الطيبة) صفة من يحب الخير ويفعله، ويتصف قلبه بالشفقة والحب وخلوه من الحقد وكريم، نحن في وقتنا الحاضر نجد هناك من يستغل هذه الطيبة عن طريق التظاهر (بالتغافل) في أمور كثيرة سواء من أجل المال أو تحقيق غاية كيدية، وهذا يحدث في بعض اللقاءات والمناسبات الاجتماعية المختلفة، حيث يتظاهر شخص بالتغافل المتعمد بدعوى (الفكاهة والدعابة) فيذكر مواقف فيها أخطاء تعرض لها رجل معه في المجلس يتصف (بالطيبة) بأسلوب فج ووقح ومخجل أحياناً، تحمل الاستهزاء، والحقيقة تقول إن صاحب (التغافل) هذا يمكن أنه قد تعرض لمواقف وصم فيها (بالمغفل) فأراد إسقاطها على غيره أو أنه يبحث عن (الكاريزما والنرجسية) التي هي منتشرة في واقعنا على نحو كبير.
لذلك على من يطلب منه التغافل في هذه المواقف فعليه أن يستمع إلى نصحية الإمام الشافعي حيث يقول (الكيس العاقل هو الفطن المتغافل) وكذلك قول الإمام أحمد بن حنبل (تسع أعشار حسن الخلق في التغافل) وقول الحسن البصري (مازال التغافل فعل الكرام) نضيف إلى هذا بأن يتحلى بالكياسة والحصافة والحلم والأناة التي تجعله يكسب السلامة.
يقول الشاعر:
وإن بليت بشخص لا خلاق له
فكن كأنك لم تسمع ولم يقل