مشعل الحارثي
بدعوة من رئيس مجلس جائزة قرى وادي كتنة للتفوق والإبداع العلمي بميسان بني الحارث جنوب الطائف تشرفت آخر الأسبوع الماضي بحضور الاحتفال بدورته العاشرة لتكريم (130) متفوقاً ومتفوقة في جميع المستويات التعليمية بدءا من المرحلة الابتدائية حتى مرحلة الدكتوراه وذلك بحضور شيخ قبيلة كتنة الشيخ عواض بن عايض الحارثي وعدد كبير من أولياء أمور الطلاب والطالبات المكرمين ورجال وأهالي المنطقة، وكم كانت سعادتي غامرة وأنا أرى مخرجات هذه الجائزة في هذا العدد الكبير من أجيال المستقبل وما يعلو وجوههم من بشر وحماس وتنافس وسباق محتدم ليس لقطف ثمار النجاح فحسب وإنما لنيل أعلى درجات التفوق والتميز، إضافة إلى ما زرعته الجائزة بين أفراد هذه القبيلة من تلك الروح العبقة من الألفة والمحبة وتقوية الصلة والتعاون المثمر البناء وحرص الكبير قبل الصغير على مشاركة الأبناء فرحة قطف ثمار الجد والاجتهاد وعطاء الاصرار والعزيمة والطموح.
لقد كنت من المتابعين لبدايات هذه الجائزة وتتبع أخبارها منذ انطلاقها وسبق أن أكرمتني لجنة الجائزة باختياري لأكون ضيف الشرف في دورتها السادسة وهذه اللجنة مكونة من نخبة مميزة من رجال العلم والتعليم والمعرفة برئاسة التربوي القدير الأستاذ قليل محمد الحارثي (أبو محمد) الزميل الأسبق بتعليم جدة ورئيس مجلس الجائزة الذي عمل على وضع الأسس لانطلاق هذه الجائزة ودعمها شخصياً إلى جانب مساعدة ومؤازرة عدد من ابناء ورجال القبيلة، والدكتور سعود عبدالجبار الحارثي الأستاذ بكلية الملك عبدالله للدفاع الجوي بالطائف والزميل الاسبق بتعليم جدة، والدكتور عبدالمحسن سعد الحارثي الأستاذ بجامعة الملك سعود، والإعلامي المتميز الأستاذ خالد سعد الحارثي بإدارة الإعلام والتواصل التنفيذي بشركة أرامكو، والأستاذ فائز بن عواض الحارثي عضو هيئة التدريس الأسبق بكلية الأمير نايف للأمن الوطني.
وفي هذا الاحتفال الأخير أتيحت لي الفرصة لإلقاء كلمة بهذه المناسبة طرزتها ببعض المشاعر الصادقة تجاه هذه الجائزة وأهدافها السامية ومقاصدها النبيلة وجهود اللجنة القائمة على تنظيمها وما تستقطعه من وقتها الخاص لانتظامها وتحقيق أهدافها ومما قلت فيها:
وإن قلنا الجوائز تلك منها
(بكتنة) لاح فيها للنبوغ أسمى مقصد
فهي الوسام لكل من رام العلا
وهي الشعاع الحق ينطق في الغد
يا معشر الأعضاء الف الف تحية
مني اليكم وفوق ذاك وأزيد
وأخص فيها (أبا محمد) الذي
أرسى الأساس بهمة الفرسان وشيد
وقدم الدعم حتى اشتد ركنها
هيهات هيهات ننسى ما بناه ونجحد
يهناك ذا الفضل الذي عم أهله
طابت لك الأيام وفعلك يحمد
وأبناء سعد (محسن) وأخوه (خالد)
لهم في الأنام ذكر ماجد وممجد
وابن عبدالجبار (سعود) أكرم به
صائب الرأي لبيب للمكارم يرفد
ويعينهم في الأمر(فايز) إنه
معان من الله العزيز مؤيد
بورك النشء وبوركت كل الخطى
من سار في درب التفوق يسعد
إن تعدد هذه الجوائز وانتشارها تعد ظاهرة صحية ومؤشرا تربويا مجتمعيا مهما لوعي المجتمع وتقديره لمسؤوليته ومساهمته الفاعلة في تعليم وتربية النشء بعد أن بدأت هذه الجوائز على مستوى إدارات التعليم والمحافظات ثم انتقلت للمجتمع ممثلة في بعض الأسر والعوائل ثم إلى المجتمع القبلي كتجربة ومبادرة جديدة ولتكون صورة مشرقة وانعكاسا إيجابيا لما توليه قيادة المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز غفر الله له وأبنائه الملوك من بعده وصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله وحكومتهم الرشيدة من رعاية واهتمام وبذل سخي للرقي بالعلم والتعليم وتنمية المواهب الشابة والعناية بالمتفوقين والمبدعين الذين سخرت لهم المؤسسات المتخصصة وصولاً لتنشئة المواطن المنتج الصالح وكل ما يقود الأجيال لمستقبل واعد بالخير والنماء.
كما أن هذه الجوائز بصفة عامة تعد أكبر مثال حي لتناغم المجتمع مع توجهات الدولة وخططها وبرامجها التنموية التي يمثل الإنسان السعودي عمادها وركيزتها الأولى، ولعل من أهم مؤشرات وثمار هذا الاهتمام والرعاية ما يحصده طلاب المملكة من وقت لآخر من جوائز في مجالات علمية صرفة في المنافسات والمسابقات الدولية والعالمية واعتلائهم منصات التتويج مما يعتبر قفزة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
كل ما أتمناه أن تستمر هذه الجوائز العائلية في مواصلة هذا الدور وتحقيق أهدافها السامية وأن تشمل في كل دوره العديد من الجوانب الإبداعية الأخرى مع حرصها الدائم والمستمر على اكتشاف الموهوبين منهم ورعايتهم وتشجيعهم وتوجيههم الوجهة الحسنة، وأن تكون أيضاً حافزاً لبقية القبائل الأخرى بالمنطقة لتحذو حذوها، كما أتمنى أيضاً أن تتبنى محافظة ميسان إطلاق جائزة أخرى على مستوى قرى المحافظة لتساهم هي الأخرى في خلق فضاء آخر من فضاءات المنافسة والتفوق والطموح بين أبناء المحافظة.
إن القيمة الحقيقية لهذه الجوائز ليس في قيمتها المادية وإنما في قيمتها المعنوية التي تشكل أسلوب ومنهج حياة بما تبثه وتزرعه في نفس المتفوق من حفز للهمم ومن اصرار وقوة عزيمة وجد ومثابرة على بذل أقصى الجهود لحصد أعلى درجات التفوق والإبداع.
تهنئة عاطرة هاطلة بكل معاني التقدير والحب والوفاء لأعضاء لجنة الجائزة الأعزاء، ولرجال كتنه النبلاء، ورجال غدها المشرق الوضاء، جيل الرؤية الطموحة رجال سلمان بن عبدالعزيز ومحمد بن سلمان وعماد الوطن ومستقبله الواعد.