خالد بن حمد المالك
أصبحت الحروب ظاهرة، وهناك من يُشعلها، فيما غيره يتوجس منها، وفي جميع الأحوال فإن أتونها تستوعب إحراق الجميع، إذ لا أمان ولا مأمن لأحد من خسائرها، وإن كانت النتائج بنسب مختلفة، والشواهد تؤكد على ذلك, وتأخذنا إلى ما هو أبعد وأخطر.
**
تتمثل الخسائر الموجعة في القتلى والتخريب، وجرّ الدول إلى نزاعات،وحين تبدأ قد لا تنتهي، وامتداداً فالحروب وبالشكل الذي يجري الآن في أكثر من موقع، إنما يدفع بهذه الحروب إلى أن تكون إحدى أدوات مؤشرات الحرب العالمية القادمة التي يصعب تجنبها في ظل هذه الصراعات.
**
لاحظوا ما يجري في الحرب الروسية - الأوكرانية، ومن اصطفاف ودعم لهذا الطرف أو ذاك، والانقلاب في النيجر، والموقف الدولي والإفريقي والأوروبي منه، ثم ما يجري في سوريا، ومن انغماس روسي وأمريكي وتركي وإيراني في هذه المؤامرة الكبرى على سوريا، وكذلك في السودان وليبيا وإثيوبيا واليمن و لبنان وغيرها.
**
كل المؤشرات تؤكد على عدم استقرار دول العالم، واستمرار الخلافات بين دول عدة، من الصين إلى تايوان، ومن كوريا الشمالية إلى كوريا الجنوبية، ومن باكستان إلى الهند، والهند والصين، وإيران وأمريكا، وغيرها، إذا لا توجد بقعة غير ساخنة في العالم، أو أنها في مأمن من أن تكون غير منخرطة مع حرب وقتال، ما يعني أننا أمام ما هو أخطر مما يجري الآن.
**
يقودنا ذلك إلى القول والتساؤل معاً، أين الحكماء؟، أليس فينا قادة راشدون؟، ومتى يتم الجنوح إلى السلم والحوار ومعالجة ما هو موضع خلاف من خلال طاولة الحوار؟ وهل استعصت الحلول السلمية، فكان لا بد من هذه الحروب والقتال، بدلاً من توجيه ما ينفق عليها نحو إشباع البطون الخاوية الجائعة والحد من شراء وصناعة الأسلحة المدمرة؟
**
للأسف فالجميع يتحدث عن السلام ويفعل ما هو ضده، وعن الحوار لكنه لا يفعّله، وعن التفاهم غير أنه لا يلقي له بالاً، وكأن قادة العالم قد سُدّت أمامهم أبواب كل الفرص التي تضع حدّاً للحروب والأطماع والتصرفات والممارسات غير الإنسانية، وأنه لم يبق أمامهم غير افتعال المشاكل، وصولاً إلى تفريغ المخازن من المعدات والأسلحة واستخدامها في حروب عبثية قاتلة.
**
لدينا مجلس الأمن، والأمم المتحدة، لكنهما لا يفعلان شيئاً، في مقابل تكتلات عسكرية بين الدول تحمي مصالحها ولو كان ذلك على حساب أموال شعوبها، ودماء أبنائها، وجر العالم إلى كوارث ونزاعات لا ترحم بشراً، ولا تبقي على حجر.
**
هذا العالم المجنون، تملك بعض قادة دوله حب السيطرة والاستحواذ بالقوة، والتهديد بها في حسم الموقف مع كل من يعارض أو يتصدى دفاعاً عن حقوقه المشروعة، وهو ما لا يقبل به من له مطامع في حقوق ليست له، فتكون الحروب بكل إفرازاتها ونتائجها السيئة.
**
العالم يتغير إلى الأسوأ، بفعل النزوات التي لم يُحسب لها أي حساب، لتبدأ صغيرة، ثم تكبر، وتتوسّع، ويُستقطب لها مغامرون جدد، وفي النهاية رأينا ما رأيناه، وربما يكون القادم أسوأ وأخطر وأشد إيلاماً، طالما بقي الحال على ما هو عليه.