مها محمد الشريف
إن السياسة، ومنذ أن بدأت تشتمل على جميع نواحي الحياة، في الوقت الذي تبدو فيه الدبلوماسية فن التفاوض وتعني التمثيل السياسي للبلاد وتصريف شؤونها الخارجية لدى الدول الأجنبية، بلا شك هي جملة تدابير اتخذت من أجل استشراف المستقبل، ويرى مراقبون أن الاتفاق السعودي الإيراني يضع نهاية لسنوات من الخلافات بين قوتين لهما ثقلهما في المنطقة، الأمر الذي قد يخمد نار صراعات لم تعد دول الإقليم تتحمل تبعاتها في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وذلك ما لم يكن لقوى عظمى أخرى رأي مخالف.
ووصف الدبلوماسي الصيني البارز هذا التطور بأنه «انتصار للحوار، انتصار للسلام، وخبر إيجابي كبير للعالم المضطرب بشدة حالياً، ويرسل إشارة واضحة»، وأهداف المملكة تبدأ من إدارة علاقاتها الخارجية بالشكل الذي يحقق لها مصالحها بما يتوافق مع القوانين والأعراف الدولية، لذلك ترسم الدبلوماسية للدول وفق الحاجة والمصالح الداخلية في كل المستويات، والمملكة العربية السعودية تحافظ على استقرار العلاقات مع كلتا القوتين العظميين بما تراه مناسباً لمكانة وقوة المملكة وكذلك مع الدول الأخرى.
فالسياسة الخارجية شكلٌ أساسيٌّ وقيمة كبرى في إدارة العلاقات الدولية، وينتج عن ذلك تبادل الزيارات الرسمية بين الدول وقال متحدث باسم رئيس الوزراء ريشي سوناك، إن رئيس الوزراء يتطلع إلى لقاء ولي العهد السعودي «في أقرب فرصة ممكنة»، والمملكة المتحدة بحاجة ماسة لتعزيز شراكاتها مع السعودية بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي وبعد أن خلف انفصالها عن التكتل الأوروبي تركة من المشاكل المالية وثغرات اقتصادية وفجوات واضطراب في سلاسل الإمداد، ومكتب رئيس الوزراء البريطاني بحث في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تعزيز العلاقات بين البلدين.
وقال مصدر من الحكومة البريطانية إنه «تم توجيه الدعوة للسعودية وأن المناقشات جارية حول طبيعة الرحلة»، مضيفاً أن «هناك رغبة في لندن لتحقيق ذلك بحلول نهاية العام». وفق «التايمز».
الشيء المهم الذي يجب فهمه هو مرتبة السيادة في نطاقها الخاص ومكانة المملكة عالمياً ودورها في السياسة الدولية، مما يجعل الدول تسعى إلى مفاوضات أولاً مع ولي العهد ومن ثم مع مجلس التعاون الخليجي بشأن إبرام اتفاقية تجارة حرة مع الكتلة الإقليمية التي تضم السعودية والإمارات وقطر والكويت وعمان والبحرين، وتتوقع تقارير أن ترفع الصفقة حجم التجارة مع الدول بنسبة 16 في المئة، مما يضيف 1.6 مليار جنيه إسترليني سنوياً للاقتصاد البريطاني، فيما يعتبر المفاوضون موافقة السعودية على شروط الاتفاقية حاسمة وستوفر أكبر فرصة للنمو.
والاتجاه السياسي للأغلبية العامة أفضل الوسائل الممكنة، أي أنه تحكم بأقل ما يمكن من قبل رجال أكثر قدرة على ضمان الهدوء والاستقرار السياسي، كما أن بريطانيا تسعى لإبرام اتفاقية تجارة حرة مع مجلس التعاون الخليجي الذي يضم: السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعُمان، إذ أنها أجرت عدة جولات مفاوضات في هذا الإطار.
يبدو بوضوح بعد هذا الموجز عن التلاحم بين العمل السياسي والدبلوماسية، الكثير من الإنجازات السعودية على الصعيد الدولي، وفي تاريخ ليس بالبعيد بادرت المملكة بشأن أوكرانيا في مسعى لإيجاد «حل يفضي إلى سلام دائم، شارك ممثلون عن 40 دولة من بينها الولايات المتحدة والصين والهند في محادثات بمدينة جدة السعودية، في مسعى سياسي جديد لبلوغ اتفاق ينهي الحرب الروسية في أوكرانيا.
في هذا المعنى يصبح النشاط السياسي دليلاً على مستوى الثقة البالغة الأهمية وعمل يستخدم الوسائل المتاحة من أجل تحقيق غاية أو هدف لتحقيق الممكن.