عبد الله سليمان الطليان
تمر علينا في برامج التواصل الاجتماعي الكثير من المواقف التي يعرض أصحابها أقوالاً وأفعالاً من الماضي حصلت في مجتمعنا تسر وتحزن، ومع اختلاف أحداثها هناك حنين وشوق إلى بعض هذه المواقف التي عادة ما تكون في البذل والكرم والوفاء والشهامة والعطاء والمساعدة الإنسانية، نجد أحياناً فيما يذكر بعض منها شيئاً من المبالغة العفوية وحب الذات والنرجسية الفردية والجماعية، السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا هذا الحنين والشوق؟ هل اختفت في زمننا هذا؟
لا أعتقد أنها اختفت ولكنها تقلصت مع الوقت وصارت في حيز ضيق، وسوف أشير إلى الجزء الذي أهتم به أن يوضح من وجهة نظري السبب في التمني والتشوق إلى هذا الماضي، هناك عوائل وأقارب عاشوا في بيت واحد من الطين أو الحجر, كان هذا البيت لا يوجد فيه إلا غرف صغيرة، يفتقر إلى المعيشة الجيدة بسبب قلة الدخل وكذلك ضعف التعليم وعلى الرغم من هذا كانت تربط تلك العوائل والأقارب أواصر قوية من الترابط والتلاحم وهم داخل هذه البيوت لم يكن هناك تمييز، يجلسون في مجلس واحد بثياب رثة أحياناً يأكلون من صحن واحد. يتسامرون مع جيرانهم بين فترة وأخرى في مكان اجتماع ضيق تحت إنارة ضعيفة تخفي حال أجسادهم المنهكة من التعب والكدح في طلب الرزق، كانت جل اهتماماتهم التي تشغلهم هي لقمة العيش حسب كل مهنة يقومون بها، أحاديثهم تدور حول توفير قوت يومهم، قسوة العيش هذه جعلتهم متماسكين ومتقاربين أكثر فيما بينهم، ومع التطور والتقدم جاء المال ومعه الغنى والثراء بدأ تفكك العوائل وتباعد الأقارب شيئاً فشيئاً، وظهرت المباهاة والتفاخر والتكبر وحب المظهر الاجتماعي الجم على نحو مؤسف ومخزٍ ومخجل.
ونحن نسمع أن هناك محاولات كي نعود إلى الماضي في سماحة النفس وتواضعها وحبها للأواصر العائلية وتقوية العلاقات الاجتماعية، ولكن مع واقعنا الحالي يبدو أننا نزداد ابتعاداً، بسبب ما تشاهده أو ينقل إليك من المناسبات العائلية واللقاءات الاجتماعية المختلفة، غالباً ما يحصل فيها من أقوال أو أحاديث كلها تدور في فلك الفخر والمباهاة وحب الظهور الاجتماعي الطاغي.