محمد سليمان العنقري
يتسابق العالم نحو نهضة صناعية جديدة مما وسّع من ميدان التنافسية والمملكة وضعت لنفسها مكاناً في هذا السباق من خلال استراتيجيتها نحو بناء اقتصاد مزدهر ووظفت لذلك الإمكانيات وأطلقت المبادرات والبرامج التي تكمل بعضها لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 ومن بين أهم التوجهات أطلقت برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية المعروف اختصاراً باسم «ندلب» والذي يهدف لتحويل المملكة إلى منصة صناعية ولوجستية عالمية لربط قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، من خلال التركيز على أربعة قطاعات حيوية هي الصناعة، والتعدين، والطاقة، والخدمات اللوجستية، وقد حقق البرنامج نجاحات عديدة رغم أنه أكمل أربعة أعوام فقط من بداياته وفق سياسة واستراتيجية محكمة بالإضافة لإطلاق واحدة من أهم مبادراته المتمثلة «ببرنامج ألف ميل» الذي يهدف إلى تمكين ريادة الأعمال في قطاع الصناعة والخدمات اللوجستية، للمساهمة في تحقيق مستهدفات القطاعين الحيويين دعماً للتحول بالاقتصاد الوطني وذلك عبر توفير حزمة من الممكنات والمحفزات لدعم الفرص الاستثمارية الواعدة التي يمكن تحويلها لمشاريع ناجحة فالبرنامج أنهى نسخته الأولى بنجاح حيث اختير 39 مشروعاً في مجالي الصناعة والخدمات اللوجستية تتناسب مع توجهات ومستهدفات رؤية 2030 وحصل المستفيدون على دعم ومحفزات عديدة وقد تمت دراسة كل المشاريع التي قدمت بعناية وبتحكيم من مختصين على أعلى المعايير حتى تم التوصل لأفضل تلك المشاريع ومع زخم التوجه لدعم رواد الأعمال في القطاعين المهمّين في الاقتصاد الوطني أطلقت النسخة الثانية من برنامج ألف ميل بإضافة محفزات لما تم بالنسخة الأولى حيث تشتمل على «مبادرة لدعم التمويل وذلك بالاكتفاء برهن أصول المصنع كضمان للمشروع، وكذلك مبادرة مقر متنوع الأنشطة يضم معامل صناعية للتدريب العملي مع مساحات عمل لمنتسبي البرنامج، ومبادرة توفير مقر يحتوي على معامل للتدريب العملي في الخدمات اللوجستية وركن للخبراء ومساحات عمل لمنتسبي مجتمع ألف ميل، ومبادرة لدعم تبني أحدث التقنيات بالتعاون مع مايكروسوفت، وذلك لتوفير خدمات ودعم لتبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتحسين كفاءة الأعمال وتخفيض التكاليف، ومبادرة احتضان وتأهيل رواد الأعمال ببرنامج ألف ميل واستضافتهم في مختلف مناطق المملكة من خلال مراكز دعم المنشآت يضاف لكل ذلك مبادرات عديدة لدعم الحصول على تمويل من جهات تمويلية حكومية بطرعديدة وكذلك من خلال البنوك التجارية «فالفرص اليوم كبيرة لرواد الأعمال ليدخلوا مجالي الصناعة والخدمات اللوجستية وذلك دعماً لزيادة دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالناتج المحلي إضافة لزيادة المحتوى المحلي وكذلك رفع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد حيث توجد فرص كبيرة وواعدة يضاف لذلك المساهمة برفع الصادرات غير النفطية كواحد من أهم مستهدفات الرؤية، فالفرصة متاحة لكل من له رغبة بخوض غمار هذه المبادرة المميزة من خلال التسجيل بموقع «برنامج ألف ميل» الإلكتروني مع تضمين كافة المعلومات الأساسية وبعد ذلك تبدأ الخطوات العملية حتى الوصول لاختيار أنسب وأفضل المشاريع القابلة لأن تتحول إلى شركات يتوفر لها أسباب النجاح التي يدعمها البرنامج من خلال توظيف الخبرات العالمية بالتعاون مع حاضنات ومسرعات أعمال معروفة دولياً في عمليات التدريب والتوجيه وبناء شبكات التواصل لرواد الأعمال المتقدمين للبرنامج بهدف جذبهم للاستثمار في مشاريع ألف ميل والانطلاق بتحويل أفكارهم لمشاريع من خلال مجموعة من المستشارين والخبراء والمستثمرين ليكون العمل متكاملاً وتتوفر فيه كل الاحتياجات الأساسية لكي يبدأ خطواته الأولى نحو الهدف المنشود, ألف ميل يقدم فرصة كبيرة جداً فهو من أفضل الممارسات العالمية التي تبدأ مع رائد الأعمال من أول خطوة حتى الخطوة رقم ألف ليكون مالكاً لمشروع إنتاجي قد يصبح شركة عملاقة بالمستقبل, وهناك مشاريع نجحت مع النسخة الأولى وتعد نموذجاً مميزاً تظهر ما يقدمه البرنامج من جهد وخدمة لمن يسجلون به ويصلون للمراحل النهائية, فهناك مشروع لصناعة قطع غيار السيارات وكذلك تطبيق للخدمات اللوجستية وتصميم وصناعة طائرات بدون طيار والزراعة بالتقنيات الروبوتية وغيرها فجميعها أصبحت مشاريع على أرض الواقع وحظيت بدعم وتحفيز مميز وهي قابلة لأن تكون شركات تصدير وليس فقط لبيع منتجاتها محلياً, فالمملكة مقبلة على توسع كبير بدور قطاعي الصناعة بكل أنشطته ذات الميزة التنافسية بالناتج المحلي والتي تتوفر إمكانيات كبيرة فيها للنجاح إضافة للقطاع اللوجستي الذي يعد أهم ركائز دعم الصناعة وخدمة سلاسل الإمداد لتوفر جميعها فرص استثمار وتوظيف ضخمة.