سمر المقرن
في سؤال طرحته في ذهني، بعد أن استمعت لشكوى سيدة من جمهوري على منصة سناب شات، ورد السؤال بهذه الصيغة: لماذا الولد «تحديداً يرفض زواج أمه بعد انفصالها عن أبيه سواء بالطلاق أو الوفاة؟».. بينما طبيعي جداً أن يتزوج الرجل بل و»يعدد» ولا يرى الولد ولا المجتمع هذا الرجل بنظرة استهجان، حتى لو تزوج بعد وفاة أمه بأيام، لأنه وبحسب العقل الجمعي من حق الرجل أن يعيش؟
من هنا، طرحت مجموعة من الأسئلة، لماذا لا يحق للمرأة أن تعيش بالطريقة التي ترتاح لها؟ فهي باختصار، يجب أن تعيش لأبنائها، بينما الأب ليس مُلزماً بأن يعيش لأجل أبنائه.
لماذا يُحرِم المجتمع ما أحل الله سبحانه وتعالى؟ وأقصد هنا تحريم زواجها بعد الطلاق أو الترمّل، فالأبناء يرفضون، والمجتمع المحيط بها ينظر إليها بدونية وأنها تخلت عن أبنائها مقابل أن اختارت الزواج, وفي واقع هذه الفكرة فإنها غير صحيحة، ولم تخرج لا من منطلقات دينية ولا حتى إنسانية، فالمرأة لها احتياجاتها التي لن يلبيها إلا الزواج، وبعيداً عن النظرة الجنسية المجردة والتي دائماً تُرمق بها المرأة، على عكس الرجل الذي يُنظر له بإعجاب متوج بالفحولة.
في هذا الوارد كان نقاشي مع تلك السيدة، التي اختارتني لتبث شكواها ولثقتها بي قد تجد الحل، فهي مطلقة ولها أبناء كبار، ووالدهم متزوج وقام بتكوين أسرة جديدة، وهي كما تقول لي: لا تريد اللجوء إلى علاقة غير شرعية، وأنها اتفقت مع خطيبها أن يتم الزواج بصفة شرعية لكنه بنظام «المسيار» حتى لا يغضب منها أولادها. فسألتها إن كان الخطيب مؤيداً؟ فذكرت أنه لا يحبذ فكرة «المسيار» كونه أرمل وليس لديه ما يخافه وأولاده كبار ويشجعونه على الزواج والارتباط.
قارنت في ذهني بين أولاد الخطيب وأولادها، وهذه الأنانية التي لم تأتِ من فراغ، بل جاءت من ترسبات اجتماعية حتى وإن كانت «إيجابية» كأن نسمع دوماً مقولة تشيد بالمرأة التي لم تتزوج وبقيت مع أولادها على أنها بطلة ومحترمة، على عكس المرأة التي تتزوج كثيراً ما نسمع مقولة: (رمت عيالها).. وفي واقع الفكرة فهي مغلوطة وغير صحيحة فالارتباط بإنسان لا يعني التخلي عن آخر، والزواج لا يعني الانفكاك من مسؤولية الأمومة.
هذه القضية لا تخص مجتمعنا وحده، بل هي قضية شائكة في كل المجتمعات العربية، وهي تُجبر المرأة على ممارسة أمور غير شرعية تودعها في متاهات ليس لها آخر، فهذه النظرة تمنع (الحلال) وتحث على (الحرام).. والإنسان يبقى إنساناً لديه من الاحتياجات التي لا يستطيع أي شخص في حياته أن يلبيها ولا يغطي أحد محل الآخر، ولا يعوض أحد فقد أحد آخر.
في ختام نقاشنا، سألتها: ماذا لو تزوجتي على نظام «المسيار» واكتشف أولادك أنك تخرجين مع هذا الرجل، ولنفرض للوهلة الأولى قبل أن يعلموا أنه زوجك؟ أتوقع مثل هذا المشهد قد يحدث أما تبعاته فسوف تكون أصعب بكثير من مسألة رفض زواج والدتهم، وهنا استعين بالمثل الكويتي: (لا تبوق.. لا تخاف)..