سام الغُباري
أتحدث كيمني، السعوديون في هذا الظرف قد يكونون أكثر حصافة مني في انتقاء عباراتهم، غير أن ما بعثني من مرقدي الاختياري لكتابة الآتي، أن الأمير محمد بن سلمان التقى وزير الخارجية الإيراني.
محللون يؤكدون أن اللقاء كان مفاجئًا للصحافة الإيرانية، ويمثل تقدمًا حيويًا وانتقالًا حُرًا في لعبة شطرنج ملتهبة، تلك اللعبة التي اختارت إيران جغرافيتها ومعالمها ومرتزقتها، لكنها لم تفلح في دفع مرشدها العجوز إلى الجلوس على مقعده الجلدي لينطق عبارة النصر الفانتازية: كش ملك.
يبدو أن الأمير محمد بن سلمان هو من سيقول: كش شاه، حين أدرك أن الحرب التي فُرضت على المنطقة منذ عقود سبقت وجوده السياسي والعُمري، لم يشأ خوض لحظته من تلك الحرب وهو في موقع المسؤولية المتقدم على وقع اقتصاد تستنزفه المعارك غير النظامية، بدأ بعاصفة حازمة في اليمن، فأعاد الأمير الشاب تموضع قواته عسكريًا، وجلب الدولة اليمنية من غرفة الإنعاش، ليصنع معها شراكة حقيقية، ترفض منطق الاستعلاء العنصري الذي فرضته ميليشيا الحوثي الإرهابية على اليمنيين، وبما مثلته من خطورة كبرى على الخاصرة الخليجية.
كان العرب فيما مضى يهمسون لبعضهم خوفًا، الإيرانيون على الأبواب، ولم تكن الحرب تقليدية هذه المرة، وعوضًا عن مقاتلة الإيرانيين على أبواب الرياض، نقلت المعركة إلى طهران، المؤشرات تقول إن نظام خامنئي يواجه أشرس معارضة شعبية منذ نشوئه، فيما تمكن الإعلام الخليجي والسعودي على وجه التحديد من كشف عوار ما اصطلح على تسميته تيار المقاومة، وظهر حسن نصر الله بمظهر المتسول فاقد القيمة الشعبية والدينية التي حرص على تسويقها طوال عقود، وفي اليمن سقطت ورقة التدخل الخارجي خلال عام واحد، وتجلى لليمنيين كافة مقدار الفساد والعنصرية والبطش والكراهية التي يكرسها زعيم الحوثيين وأنصاره في مناطق سيطرتهم، ولم يعد أمامهم سوى التفاوض حول مستقبلهم الإنساني، حيث إن قدرة السعودية على إنقاذ المصالح الإيرانية المهترئة قد يلغي أي طموحات ممكنة على المدى المنظور من تسويق خرافتها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق.