علي الخزيم
- عقدت نِسوِة بإحدى دول الخليج العربي مؤخراً اتفاقاً غير رسمي أشهرن خلاله رغبتهن بإلغاء عدد من مراسم الاحتفال بزواج الأبناء والبنات اختصاراً لتكاليف الأفراح؛ ووجَّهن النصيحة لأخواتهن بدول الخليج لاتخاذ خطوات مماثلة.
- المراسم الجانبية التي يشملها الإجراء التطوعي الاجتماعي: حفلة الخُطبة والشَّبْكة وعقد القران (المِلكَة أو كتب الكتاب)، وامتد الإعلان إلى اختصار أو إلغاء حفلات الاستقبال بعد الزواج وبعد الولادة وما ماثلها مما يتعلق بالزيجات.
- وحين أسجل تأييدي لهذا؛ فإني أدعو لإنهاء أو اختصار حفلات مماثلة نشأت في العقود الأخيرة؛ كحفلات تخرج الأطفال في المراحل التمهيدية والابتدائية، ويقاس عليها مناسبات مماثلة ليست ذات قيمة.
- الاتفاق الاجتماعي التطوعي المذكور لم يكن هو الأول من نوعه، فقد كانت قبائل ومحافظات وقرى بالمملكة تُبادر لمثل هذا العمل الخيري الجماعي تسهيلاً لأمور الزواج للجنسين، وتشجيعاً للأسر على اتخاذ مواقف مُبَسَّطة مُيَسَّرة تساعد على إتمام زواج أكبر عدد من الشبان الراغبين في الزواج.
- تلك المبادرات كانت تحظى بالتشجيع والتأييد، غير أن ما يُعِيبها هو عدم استمراريتها؛ فقد كان الحماس لها يتناقص سنة بعد أختها، ويقال إن هناك من يكتب بعقد الزواج المهر المُحدد المُتفق عليه بين أفراد القبيلة، ولكن بالواقع هناك المزيد إما نقداً أو هدايا قد تفوق المهر عدة مرات، وكأن المشروع التطوعي الخيري يجد من يُنهيه كلما أراد أن ينجح.
- مما يدعو للابتسام والكآبة في آن واحد ما استحدث من حفلات الطلاق والخُلع، حيث غلب هذا الأمر على بعض النساء اللائي يَحتَفِلن (بحماس باذخ) ابتهاجاً بطلاقهن أو خُلعهن من أزواجهن، وإعلان الاحتفالية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودعوة غيرهن - بتجاوز للأعراف - للتخلص من الروابط الاجتماعية.
- إن كُنتَ تستغرب أو تستبعد ما ورد آنفاً فإليك الأطَم: فهناك من يُقيم - من الجنسين - حفلات ومآدب دسمة لزواج قطتهم أو كلبتهم أو إنجابها، أو تكون بمناسبة شفاء حيوانهم الأليف من وعكة ألمت به، وبطبيعة الحال وبكل تلك المناسبات يَخْجَل المدعوون من القدوم والأيدي خالية من هدايا تليق بالمناسبة!
- حدثني رجل وقور من إحدى المحافظات وهو يبدي انزعاجه مما يراه داخل مُحيطه الأسرى والاجتماعي من مراسم استقبال احتفالية بعد ولادة كل مولود بإجراءات مُكلفة مادياً وجهداً بدنياً ووقتاً مهدراً؛ قال: إنهم قبل الحفل يُعيدون طِلاء جدران المنزل المُواجهة للضيوف، مع تغيير الستائر، وإحضار ألعاب كهدايا لمن سيحضر من الأطفال، وبالتأكيد الضيوف يتبارون في جلب الهدايا للوالدة والمولود، ومن ثم تأتي المأدبة الفاخرة التي - مع ما سبق - تقصم ظهر الوالد ذي الدخل المحدود.
- إن كان الموسرون خارج هذه الدائرة نظراً لقدرتهم المادية وعلى اعتبار أنهم أو غالبيتهم من المُنفقين الباذلين بسبل الخير بالسر والعلن، ويرغبون بالاستمتاع بما وهبهم الله من فضله؛ فما عذر أصحاب الدخل المادي القليل المحدود؟ وإن سمحوا لأنفسهم بصرف دخلهم كهباء منثور؛ فلا عذر لهم بالتَّشكي من سوء أحوالهم، فمن بدأ المأساة ينهيها.