وقفتُ على أبواب منطقة عسير وأنا القادمٌ جواً، بعد رحلة حب شمالية تتهادى لتعانق شم الجبال الجنوبية، فلما استقمتُ في شرفة سلم الطائرة هبّت نسمات الهواء الساحرة على روحي ولكأن جبال حائل تردد يا بعد حيي يا عسير وأهلها وكأن جبال وطني وعلى رأسها طويق تتواصل مع بعضها من خلالنا محبةً ووفاءً وصدقًا انتماء لهذا الوطن المعطاء، فما أجمل هذا الشعور الذي سافر بي نحو مدينة يحفها الغيم، حينها وأنا في أعلى سلّم الطائرة متأهباً للنزول جاءت لحظة الصدفة الجميلة، فقد كانت أمامي امرأة كريمة كبيرة بالسن تنزل عتبات السلم بلطف الأمهات، فوقفت منتظراً نزولها حتى لا استعجلها، ليقف بجانبي رجلٌ متقد بحيوية المرحبين وكأنه يستنطق الجبال لتقول مرحباً ألف لكل الزائرين والسياح القادمين نحو أعالي عسير، استوى بجانبي مصافحاً بكل لباقة، حصيفا في وقوفه شفيفاً في تواضعه.. فسلم ورددتُ له السلام والتحية والإكرام فعرف أني من حائل فزاد ترحابه محبةً حتى ملأني شعورا جميلا ومغايرا بأن أول من أصافحه في منطقة عسير أثناء وفادتي لها هو أميرها المحبوب الإنسان صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز الذي لم أعرف أن سموه كان معنا في أحد مقاعد الطائرة حتى تلك اللحظة المحفورة بالذاكرة في شرفة الطائرة.
فما أجمل الصدف التي نتقاسمها في كل ربوع بلادي مع قادتنا..
فهنا.. في وطني لا تكاد تسعى من أقصى مدينة لتبلغ ناصية مدينة أخرى حتى تبصر التنمية والتطوير في الأرجاء المدنية والأفياء العمرانية، ومنطقة عسير الفارعة نمواً الطالعة تطويراً على أشُدّ هذا التحول الذي ترعاه حكومتنا الرشيدة حفظها الله ويتلقاه المواطن والمقيم، لمستُ ذلك على إثر زيارتي هذه لمنطقة عسير مشاركاً ضمن وفد يرأسه سعادة وكيل إمارة منطقة حائل الأستاذ عادل بن صالح آل الشيخ، بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل، ضمن اجتماع أصحاب المعالي والسعادة وكلاء إمارات المناطق التحضيري الأول لعام 1445هـ.
فماذا أقول في عسير وهي تنادي لا عسير في حائل، وتجاوبها حائل: لا حائل بين الحب وعسير.. فيالجماليات المكان بكامل تكويناته الفريدة، وما أجمل إنسان تلك الأرض فهو رهانٌ أوّل قبل المكان، لذا فلقد قيل أن الأسماء تزدان بأصحابها والمدن تزهو بسكانها، بينما عسير ازدانت مكاناً وإنساناً وعرفاناً، طرقتُ أبواب هذه المدينة التي أقرب ما تكون إلى السماء فعبرتُ يمام الجمَال وقمم الجبال، ووجدت مزاراً وحضارة وتاريخاً يكتبه البشر وينقش على الحجر، فعسير غنية بأهلها الكرماء الفضلاء وكأنهم معادن نفيسة وسط متون هذه الجبال الرفيعة بكامل شيمهم ومروءتهم.. أميرٌ شغوف لا يهدأ عملاً وإنجازاً نتج عنه هذا الأريج العابق في المكان والسابق في الزمان والعالق في الذاكرة.
انقضت أيام الملتقى في عسير وسط ورش عمل فاعلة في استعراض التجارب الناجحة والمبتكرة لتنمية المدن، حتى تكون مدننا مميزة وفق أعلى المعايير الحديثة، فتميزت إمارة منطقة عسير في هذا التنظيم وحسن الاستقبال غير المستغرب وفي هذا الثراء المعرفي بأوراق عمل تخصصية من نخب في كافة المفاصل التنموية لهيئات وقطاعات دولتنا الغالية، وهذا لا شك يأتي تماشياً مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الشغوفة والطموحة بدعم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو سيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله والذي نرى ونلمس دعمهما في كل وجوه التنمية والتطوير والتحول وكل برامج ومشروعات ومبادرات هذا الوطن الغالي وعلى طرق الخير والنماء تتواصل المسيرة ويتواصل العطاء والإبداع من رجال الوطن.. دمتِ بلادي.
**
*مساعد أمين منطقة حائل