عمر إبراهيم الرشيد
تطرقت في مقالي السابق إلى التحديات المناخية التي نواجهها مع باقي مناطق العالم، وتساءلت عن مدى وجود خطة بعيدة المدى لدى الجهات المعنية في المملكة للتكيف مع هذه التحولات المناخية، وضربت أمثلة في تبييض الأسفلت الذي يشكِّل نسبة كبيرة من مساحات مدن المملكة، وكذلك تبييض المباني والعمارات السكنية والخدمية. وهنا استكمال لما كتبته مجتهداً وعلى الله قصد السبيل، لأبدي تساؤلاً ليس بالجديد كذلك ولكنه ما زال ملحاً لدى شريحة كبرى من الناس، وهو عن أسباب تفاوت الأنظمة بين مدينة وأخرى فيما يتعلق بمظلات السيارات الملاصقة أو المجاورة لمنازل اصحابها. ففي مدينة جدة هناك مرونة وسماح للسكان بوضع تلك المظلات حماية للسيارات من لهيب الشمس، بينما في الرياض هناك شروط من قبل البلدية لوضع المظلات كأن تكون المظلة متحركة مع منع السكان من بناء مظلة في الأراضي البيضاء المجاورة للمنازل بدعوى التشويه، وكأن مداخل الرياض على سبيل المثال تخلو من أنقاض البناء المهولة التي تشكل أكبر تشوه بصري مع أن المسئولية تقع على عاتق أمانة المنطقة قبل أي جهة أخرى.
والأمر الثاني والمحير كذلك، تميز عمارات مدينة جدة بوجود مواقف سفلية وذلك منذ سنوات طويلة، بينما تفتقر غالبية العمارات السكنية لمثل هذه المواقف في مدينة الرياض، فهل هو تفاوت في أنظمة واشتراطات البناء بين المنطقتين كذلك؟ وبعض العمارات السكنية في مدينة جدة مثلاً، يتم تخصيص الطابق الأرضي كمواقف مكشوفة على الشارع من جهتين أو أكثر، وبعضها تكون المواقف في القبو، وهي حلول لا تتطلب تكلفة باهظة وبالأخص المواقف التي تكون أسفل العمارة وعلى مستوى الشارع، فليت أمانات المناطق في المملكة عموماً تعتمد هذا الشرط لأصحاب مشاريع العمائر السكنية، على أن تشمل كل المباني الخدمية والحكومية ولو أن الأخيرة معظمها تحوي مواقف سفلية حسب علمي.
نحن في بلد معظم أشهر السنة فيه حارة والشمس لا تغيب خلف الغيوم إلا فترة بسيطة خلال فصل الشتاء، لذا فإن مبادرة سمو ولي العهد للسعودية الخضراء سوف تسهم بدورها الحيوي لزيادة نسبة الظل والأكسجين وتجميل المدى البصري للمدن والبلدات والمباني والطرق، إنما لابد كذلك من اعتماد تقنيات وأنظمة تدعم مبادرة تشجير المملكة و تسهم في هذا الإصحاح البيئي، لتأثيرات البيئة على الصحة العامة الفسيولوجية والنفسية على السواء، ولأنسنة مدننا وبلداتنا، لأن القرى والأرياف بعيدة عن التلوث وهي إلى البساطة الجميلة والحياة الهادئة أقرب، إلى اللقاء.