حين نكتب نتنفس، ونُشرق، وسربٌ من الطيور يغادر أقفاصنا..
حين نكتب قد يكتمل النص وقد يبقى عالقًا، وقد نصبح أسرى في قبضة ذلك الزحام الفكري..
من بين تلك الضوضاء وبكل لطف انتزعني معتزل الكتابة للرواية والمقام في الباحة برعاية هيئة الأدب والنشر والترجمة. الحقيقة أنه لم يكن معتزلًا عاديًّا بل كان هروبًا لذيذًا من الواقع وانفصالًا أنيقًا عن صخب الحياة..
كان معتزلًا يشير إلى التغذية الروحية وكان فرصةً لصياغة الفكرة و ترتيب المعنى.
وجدتُ نفسي في مكانٍ ملهم ،عشت بين الشجر والضباب والتحمت بالطبيعة.
استقبلتني الباحة بحضارتها وبتراثها،بتفاصيلها الريفية وأهلها الطيبين، وبالمعنى العميق لجزءٍ حنون من الوطن، فكانت المدينة الجديدة والجميلة في ذاكرتي.
التقيتُ بأشخاصٍ يتشابهون معي في اللغة و الفكر والطريق..
كانت نقاشاتنا ثرية، توغلنا في عالم الرواية، تعمقنا في أسرارها، تحدثنا عن الوجود والموت وأنواع الرواة، عن صراع الهوية ومستقبل الرواية، عن الكتب وأغلفتها وعناوينها .
أفضينا بمخاوفنا الكتابية ووضعنا الحلول، تبادلنا الآراء والكتب والأفكار، جمَعَنا هدف وطبق وكوب قهوة وأمسياتٍ ثرية بالمعرفة.
لم أشعر معهم بأني أُغرد خارج السرب، بل وجدت أني في نفس الدائرة والحلم. وطني دائمًا يزخر بالنماء، وما يحدثُ من حِراكٍ ثقافي دلالة على الدعم الهائل لكل جوانب الحياة، فمعتزل الكتابة اعتنى بأرواحنا وأقلامنا وتفاصيلنا، فحمدًا وشكرًا لأننا نعيش في ترف هذا البلد العظيم.
شكرًا سعوديتي وشكرًا هيئة الأدب والنشر والترجمة على هذه العناية الهائلة بنا وبكتبنا وثقافتنا.
** **
نجوى العمري - معتزل الكتابة - الباحة