خالد محمد الدوس
معظمنا يتابع الدوري الأوروبي الذي يضم صفوة النجوم وكبار اللاعبين المشهورين في هذه الأندية العريقة, ففي لحظات الفرح وأجواء الابتهاج بالفوز بالكأس, أو الألقاب الذهبية في المنازلات التتويجية واللقاءات النهائية داخل أرض الملعب تبرز ثقافتها الاحتفالية الحضارية مع جماهيرها وعشاقها, ولا نشاهد مظاهر من السلوكيات الغوغائية.. الخارجة عن قواعد الضبط الأخلاقي والاجتماعي والذوقي, بل يعبر نجوم الفريق المنتصر عن مشاعرهم الفرائحية في حدود القيم الرياضية وقيود الروح التنافسية المطلوبة التي تشكل أحد أهداف الرياضة ومنطلقاتها السامية بعيداً عن مظاهر التعصب والإساءة والتجاوزات التي تناهض روح القانون الرياضي والفهم الصحيح للرياضة وأخلاقياتها بل نشاهد معظم اللاعبين.. وفي غمرة الفرح ولذة الانتصار الذهبي حتى في مواجهات الديربي الحاسمة..نراهم مع زوجاتهم وأطفالهم داخل المستطيل الأخضر يحتفلون ويلتقطون الصور, ويحيون الجماهير, ويتفاعلون مع الحدث بوعي واتزان, والفريق المهزوم يهنئ الفريق الفائز بكل روح رياضية بعيداً عن الانفلات الانفعالي وردات الفعل الانعكاسية سواء للفريق الفائز أو الخاسر.. لأن الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً هدفها الأساسي هو المنافسة الرياضية الشريفة وإشاعة روح المحبة والتعاون والوئام. كظاهرة اجتماعية هادفة تسمو بالنفوس وتقرب بين الناس وليست ميداناً للتفرقة وبث الكراهية وتأجيج الرأي العام الرياضي ونشر التعصب البغيض وأعمال العنف والشغب والاحتقان.
ومن هذا المنطلق تتجلى قيم الوعي الرياضي في هذه المنافسات العالمية لأن الفكر الاحترافي (الناضج) لنجوم الكرة العالمية لايمكن أن يجعلهم يقومون بتصرفات وإسقاطات تسيئ لتاريخهم وتلوث سمعتهم الكروية بتلك السلوكيات (المراهقية) التي تخدش جمال المنافسات الكروية وتهدد قيمتها السوقية ومنظومتها الاحترافية. وبالمقابل نجد في منافساتنا العربية والمحلية كثيراً من التصرفات والتجاوزات التي تكشف عن أزمة (وعي) رياضي لبعض اللاعبين. ومع الأسف الشديد الكثير تابع اللقاء الختامي الذي جمع ديربي المملكة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك سلمان للأندية العربية الذي كسب لقبه بجدارة فريق النصر مؤخراً بعد فوزه على منافسه التقليدي الهلال بهدفين مقابل هدف, وماشهده من أحداث مؤسفة وتجاوزات خارجة عن النص..ظهرت أثناء احتفالية لاعبي الفريق الفائز ومشاركة بعضهم في حادثة (غرزة العلم) في الملعب والمشادة بالأيادي والفوضوية التي صدرت مع بعض لاعبي الفريق الخاسر.. دون احترام للمنافسة الرياضية في بطولة غالية ولا حتى مسمى البطولة.. فمثل هذه المشاهد الغوغائية والتصرفات الهمجية.. لا تليق (بسمعة) رياضتنا التي أصبحت محط أنظار العالم في ظل الدعم الكبير الذي تحظى به من سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله - «مهندس رؤية 2030» والمسؤول الشغوف بالرياضة التي تشهد اليوم تحولات نوعية.. وقرارات مفصلية.. وخطوات واثبة وواثقة نحو صناعة المجد للرياضة السعودية والعمل على تطوير لعبة كرة القدم ومنافساتها, خاصة بعد إطلاق مشروع الاستثمار في الأندية السعودية أو خصخصتها.. تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة الطموحة 2030 في القطاع الرياضي وبحثاً عن التميز محلياً وعالمياً. وحتى لاتتكرر مثل تلك التصرفات الخارجة عن القيم التنافسية المطلوبة والروح الرياضية المنشودة في ملاعبنا.. ومع بداية انطلاقة دوري المحترفين هذا العام.. ينبغي سنّ عقوبات رادعة وأنظمة ضابطة والمحاسبة ضد كل من يقوم على إثارة التعصب وتشويه جمال رياضتنا التي دخلت عصراً (احترافياً نوعياً) غير مسبوق بدخول واستقطاب نجوم عالميين نجحت مساعي بعض الأندية في ضمها في إطار رؤية استراتيجية تبدو أوسع أفقاً وأكثر شمولاً لتقوية مكانة الرياضة السعودية عالمياً وإحداث طفرة كبيرة على المستوى الفني يزيد بالتالي من القيمة المالية للدوري السعودي وسط الدوريات العالمية, وكذلك المستوى الاتصادي والعوائد الاستثمارية خاصة وأن الاستثمار يلعب دوراً مهماً وحيوياً في تطوير الأندية الرياضية والمجتمعات, وهو واحد من أهم العمليات الاقتصادية ذات الفوائد الكبيرة والمتعددة وذات المردود الإيجابي نحو بناء استراتيجية اقتصادية مستقبلية.