عبدالعزيز بن سعود المتعب
الكرامة (كلٌ لا يتجزأ) في الحب وما سواه.. وبها تُقاس عزة النفس والإباء والأنفة وأصالة المعدن ومكارم الأخلاق ومن يقرأ نماذج راقية من الشعر لنخبة من الشعراء في هذا الشأن يؤمن أن نهجهم مشرِّف لمن تأبى هامته الانحناء إلاَّ لله عز وجل وما أمرت به مصادر التشريع الإسلامي، بدليل حسمهم لكل ما له صلة (بدائرة الأحاسيس الخاصة في شعر الغزل الرقيق طالما تعارض موقف مع كرامتهم أو أُزيلت أقنعة مزيفة للأبد من وجوه من كانوا (يمثلون لهم مرحلة حب آفلة) يقول الشاعر الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله-:
اليوم ترسل لي وتبدي الوفاء لي
تبدي لي أعذارٍ قصيرات واطوال
ومنها قوله الحاسم بلا رجعة:
(ما عاد تخدعني عقب ما بدا لي
وإن عدت فيما عفت مانيب رَجَّال)
كما أن (كسر القلوب لا يُجبر) فإن - الفراق - بلسم لما بعده طالما وصل الأمر إلى محاذير الكرامة التي أمسى المحبوب بسببها وكل ما له صلة به شيء من الماضي إلى الأبد يقول الشاعر الأمير خالد الفيصل:
يوم أنها لي بالإقبال
ما قد جرى منك تقصير
(واليوم يوم الهوى مال
يا علّها لك مسافير)
الكسر في بعض الأحوال
ما ينفع الكسر تجبير
(ما قد بقى شيء ما زال
ولا كل فرقى مخاسير)
بل إن من الشعراء المعروفين مثل الأمير سعود بن بندر - رحمه الله - من استهل قصيدته بتضمين فحواه - إن الكرامة أغلى من الحب - وهو بذلك - يفُعِّل مبدأ - يؤمن به الكثيرون ممّن يستحق موقفهم النبيل الراقي (الاحترام اللا محدود):
(حتى ولو ما عندي أحدٍ يساويك
لا شك تسوى كل حب الكرامة)
إلى أن قال:
لا طالبك ترجع ولا قايل أبيك
على المقفِّي.. كيف أحس بندامه؟!
وفي نفس وجهة (طريق اللا عودة) يقول الشاعر عبدالله بن عون:
كان السراب اللَّي زمى بارقٍ له
(ما اصير عوقٍ له عن اللي يريده)
اللِّي نساك انسه ولا تشتحن له
ولا عاد يطري لك عليه إتعويده
أما الشاعرة (أغاريد السعودية) فلم تأسف بسبب - الكرامة - على (كل ما كان) باستثناء (الوفاء) الذي قُدِّم لمن لا يستحقه:
حبك غدا ما له مقرٍ وعنوان
ما ينسمع صوت الغدر لو ينادي
إلى قولها:
ما نيب ولهانه على كل ما كان
(حزني على أيام الوفاء والسهادي)
بل إن الصبر على من (لا يبادلك الاهتمام) ينتهي بدافع الكرامة إلى غير رجعة مع نهاية علاقة حب أساء المحب (الابقاء عليها) يقول الشاعر الأمير عبدالعزيز بن سعود (السامر):
(طوينا صفحة الماضي) وتبنا
خذينا اللي كفانا وانتهينا
وعن قولة نبي نصبر تعبنا
(وعن من لا يراعينا سلينا)
كل ما سبق يُفضي إلى ما نصه (لا حب بلا كرامة).
وقفة:
من قصائدي القديمة:
الحب لا منّه وصل للكرامة
ما عاد له عند العزيزين قيمه
من لا يعيش العمر رفيع هامه
وش ينبغابه كان ما فيه شيمه؟!