إيمان حمود الشمري
يبدأ موظف بسيط مجتهد.. يعمل ويكافح ويعاني ويتمنى أن يصل ليصبح صوته مسموعاً ويغير بمنظومة الموظفين ويساعدهم في الحصول على حقوقهم، وعندما تسنح الفرصة ويترقى ويصبح أقرب لصناعة القرار يبدأ بالتخاذل والتراجع، فوضعه الجديد يجعله أكثر تحفظاً وتخوفاً وأقل ميلاً للحديث عن حقوق الموظفين، لاوقت لديه للشكاوي فهو منهمك في مهامه الجديدة وحربه في إثبات نفسه، هذا العالم الجديد المثير لكسب مجلس الإدارة وجمع أكبر قدر من المال سيكون حاجزاً بينه وبين مبادئه القديمة، وسيصبح عاجزاً عن الخوض في حقوق الموظفين التي هي بالأساس حقوقه، فهو الآن على محك لقب وظيفي مرموق، لا يليق به بأن يكون مناضلاً بحقوق مدنية ويقاتل من أجل الموظفين.. اختلفت وجهته وبالتالي اختلفت معركته!!
إن أول من يقف أمام حقوق الموظف هو الموظف نفسه بفارق درجة وظيفية تُشعل ساحة العمل وتجعلها أشد احتقانا وشراسة. ويبقى الموظف البسيط حائراً بين نظام غير واضح بالنسبة له ومدير مضطر أن يتملق له لينال رضاه مقابل أن يحصل على حوافزوترقيات!!
أنظمة تسعى للفردية وتحقيق الرغبات حتى لو على حساب الآخرين، وشركات توجِد لها أشكالاً مباشرة وأنظمة تشريعية وحقوق ومزايا دون أن يقابلها جانب حقوقي للموظف!! من أين جاءت تلك الأنظمة؟ هل بحكم الابتعاث تأثرنا بثقافة نظام العمل الأمريكي دون أن نوجِد لنا هوية خاصة بنا؟ أم أننا نطبق نظاما أوروبيا بعد أن تم التعديل عليه؟
هل يجب أن يكون لنا نظام واضح خاص بنا وفق مواد منصوصة ومنظومة فكرية تضع الموظف بمنطقة الأمان بعد أن يفهم تماماً ماله وما عليه لأنه غير مطالب بخوض حرب لنيل الحقوق؟؟
في بعض الدول الأوربية هناك أنظمة ونقابات عمالية يوجد بها موظف، مهمته بمجلس الإدارة أن يكون ممثلاً عن الموظفين، فنجد أن في تلك الدول يوجد حقوق للموظف، في حين أن بعضهم يطبق الأنظمة تحت شعار (لارحمة) فبعض الشركات تلهث وراء مواكبة التسارع، حتى لو نشأ عن ذلك تسريح الموظفين واستخدام أعذار مطاطية من أجل توفير المال دون تعاطف!! ضغط يمارس أيضاً على الموظف الذي بقي على رأس العمل وذلك بإعطائه رسالة مباشرة بسهولة الاستغناء عنه لمصلحة الشركة!!! ممارسات غير مقبولة بسلب إرادة الموظف ونزع أسلحته، وتقليم أظافره للرضا بالموجود والكف عن المطالبة بالزيادة والحقوق، بعضهم يرى أن مراعاة ظروف الموظف عبء على الشركة ستجعل الشركة في وضع خطر أمام مجابهة حمى التنافس، معركة طاحنة لترسيخ تواجد الشركة، يدفع ضريبتها الأيدي العاملة.
وتبقى الحقوق بين مطرقة المصالح وسندان العدل، لن تجد لها مخرجاً طالما أن العلاقة بين الشركة والموظف علاقة عكسية، ليس بها تبادل منفعة لأن البقاء للأقوى!.