عمر إبراهيم الرشيد
اعتبر علماء المناخ شهر يوليو الحالي الأعلى حرارة على الإطلاق منذ بدء قياس درجات الحرارة في القرن الثامن عشر، مع تحذيراتهم من أن كوكب الأرض وغلافه الجوي يزداد حرارة وتقلبات مناخية يشهدها العالم في السنوات الأخيرة. وهنا يحضر أكثر من تساؤل، عمَّا إن كان لدى جهاتنا المعنية في المملكة خطة بعيدة المدى للتكيف قدر الإمكان مع هذه الحالة الكونية، إلى جانب مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها سمو ولي العهد والتي تعتبر من أولى أساسيات الإصحاح البيئي بكل ما تشمله هذه الكلمة، من خفض درجات حرارة الطقس، وخفض نسب التلوث ورفع جودة الحياة وغير ذلك من ضرورات الصحة العامة وصحة البيئة.
وهنا يحضر تساؤل ليس بالجديد وإن كان ينبغي تكرار طرحه على أكثر من جهة مسئولة، وهو لم لا يتم اعتماد تبيض الأسفلت في الطرق والشوارع لدينا، كما هو متبع في دول عدة أقل حرارة منا. والمعروف عن الإسفلت بأنه يحتفظ بحرارة أشعة الشمس لفترات طويلة بل على امتداد فصل الصيف تقريباً، ومع تزايد مساحات الإسفلت المهولة في المدن والبلدات السعودية، لا يستغرب الفارق بين درجات الحرارة الحالية ومثيلاتها قبل أربعة عقود من الزمن، حين كانت مساحات الإسفلت والطرف بمقدار النصف.
ومثل الإسفلت يقال كذلك الغطاء الخرساني للمدن والبدات بمبانيها المشيدة من الأسمنت، وهو المعروف كذلك بتخزينه لدرجة الحرارة وبالتالي زيادة استهلاك الطاقة للتبريد، ومن ثم زيادة انبعاث الكربون والتلوث والتسخين الحراري. فهلا بادرت وزارة الشئون البلدية ممثلة في أمانات المناطق بتشجيع السكان وأصحاب المشاريع العقارية والمجمعات السكنية والعمائر، للبناء بالحجر الأبيض أو طلاء المباني والفلل والمجمعات السكنية بالطلاء الأبيض العاكس لأشعة الشمس، وذلك عبر تخفيض ثمن رخصة البناء لمن يعتمد اللون الأبيض أو يستخدم الطوب والحجر الأبيض في البناء. وفي هذا تجميل بصري ومعماري كذلك، خاصة وأن مشروع التشجير الذي يجري حالياً، يسهم في تجميل المدن والطرق والتجمعات العمرانية، فلا أرى خشية من سيادة اللون الأبيض على البناء دون فرضه وتعميمه كما قلت، بل بتشجيع السكان عليه. هذه تقنيات ليست بالجديدة كما قلت، ولكنها معتمدة ومفيدة بل وضرورية للدول التي تشهد فصل صيف يمتد لأشهر تفوق الستة كما لدينا في المملكة والخليج، وللحديث بقية إذا شاء الله، إلى اللقاء.