عبد الله سليمان الطليان
ينحت الزمن في أجسادنا ونحن في صراع قوي من أجل البقاء الذي لا يجعلنا نعيش فقط من أجل أن نبقى في هذه الحياة، بل نجد أنفسنا نبحر نحو تحقيق انتصار في التملك في كافة صوره مادياً ومعنوياً، يتجدد مع مرور الزمن ونلاحقه بشغف وشوق، زادت وتيرته وانتشاره في عصرنا، هو غريزة مستوطنة في داخلنا منذ الطفولة العبثية والفوضوية، تأتي إلينا أحياناً منقادة بطواعية بغير عناء، يتعاظم أثرها مع رحلة نمونا أكثر وأكثر فنشحذ أبصارنا وعقولنا في شراهة ونهم لكي نروي طمعنا وجشعنا الذي لا ينتهي في سباق محموم، أحياناً تخرج عن المألوف المعتاد، فتحطم القيم والفضائل والرحمة الإنسانية، وتنزع القناع الذي نختفي خلفه عبر التوشح بالأخلاق والعفة والغنى وعزة النفس، فيتوهج حب التميز ويزداد اشتعالاً في منافسة شديدة لكي نكون في المقدمة التي تسقينا كأس الشهرة التي هي حلمنا، فتتمرد عقولنا أحياناً وتنتشي في غرور وكبرياء ويغزوها السخرية من محيطها، ومع الوقت تتبلد أجسامنا التي غرقت في الترف المفرط، الذي قد يدمر ما في داخل أنفسنا من السكينة الروحية، إذا لم تستفق عقولنا وترسو إلى الحقيقة الواضحة والجلية في خضم هذا الصراع الدائم أن الله خلقنا وأنه هو المقسم للمعيشة يقول الله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.