ليلى أمين السيف
مؤخراً ومع تفشي وسائل التواصل أصبح الكل عالماً ومفتياً. حالماً وشاعراً. مؤرخاً ومتفذلكاً. ولم يعد مستغرباً أن يقصيك أحدهم أقصى اليسار أو يرديك آخر ذات اليمين والمربك ليس هؤلاء الجهلة ولكن حتى أولئك المفترض أنهم يحملون مقداراً محترماً من التعليم كشفت توجهاتهم وتحاورهم مع من يحاورونهم زيف أفكارهم. فهم سرعان ما يحظروك كي يبدأوا بالضحك على أتباعهم المغيبين..
وللأسف الشديد اصطبغت وسائل التواصل بهجمات شرسة ضد بعضنا بعضاً ولم يعد لصوت الاعتدال أية جاذبية ومال الناس إما أقصى اليمين أو اتخذوا أقصاه المخالف منهاجاً.. وبهت صوت الاعتدال والوسطية هذا إن لم يكونوا قد أقصوه عمداً..
مما يحير النفس صمت القانون إزاء هذا التأليب الجماعي ضد بعضنا بعضاً أو ضد بعض الشعوب واستنقاص الأقليات وازدراء الجاليات..
مما يحزن ازدياد أعداد أتباع هؤلاء المتطرفين فكراً وسلوكاً وهذا يعطي تفسيراً منطقياً لأتباع الدجال فالناس الآن يتبعون أراذل القوم الذين ما فتئوا في تحريض الحاكم على الشعب أو تأليب العامة على بعضهم ذاك بحجة تعديه على الأمن القومي وآخر بحجة أنه سيشكل تلطيخاً على بنية المجتمع الأصيلة وآخرون لا يستحقون ما وصلوا له لأنهم ليسوا ذوي أصل وفصل وتبدأ فصول المسرحية بالتهكم على بعضنا بعضاً وأن قوماً لا يستحقون هذه المكانة لأنهم من الأساس ليسوا من قومنا أو جنسنا..
ثم نجد أن قوماً آخرين يكيلون لنا ذات التهم وهكذا دواليك..
إننا شعب واحد أصله من تراب ومرجعه لسيدنا أدم.. تحولنا تاريخياً الى جماعات وأفرادٍ ولكن مصيرنا واحد وحياتنا ستصبح أجمل إن اتحدنا.
أوجدنا الله وكما نوع سبحانه في الكون نوع في صورنا. وليس من حق أي جنس التفاخر بأصله أو حسبه أو نسبه بل الشكر لله أن خلقنا على هذه الصورة فله حكمة من ذلك.. فالتفاخر يكون دافعاً للتطور الإنساني لا مصدراً للازدراء أو مزيداً من الحروب للاستغلال..
العنصرية مرض يصيب العقل بمفاهيم خاطئة ويربك المشاعر. وعلينا التعايش مع إخوان لنا يشاركوننا الحياة على هذا الكوكب الذي سخره الله لأجلنا وجعله متكاملاً لنستطيع خوض غمار الحياة بسهولة..
وتفشي خطاب الكراهية وهي إن كانت الآن تؤذي نيرانها الآخرين فحتماً ستصيب شرارتها هذه المجتمعات التي تؤلب وتبخ سموماً عنصرية مقيته تجاه خلق الله..
فهي في العلن تندد بما يحدث لدولة ما من اضطهاد أو غيره مما يدور في الإعلام وفي الواقع تجد كل الصفحات الاجتماعية تسخر من هذه الشعوب أو تستهين بكفاحهم ونضالهم أو تقلل من معاناتهم.. إن النكبات التي ألمت بشعوبنا العربية مؤخراً أو حتى بشعوب العالم ليست مدعاة للسخرية أو مجلبة للتفاخر والتباهي بما ليس لك فضل فيه..
في النهاية إن ما يشكل هوياتنا هو الإنسانية..لا النسب أو الحسب فكلنا خلقنا الله وهو أدرى بخلقه..
إنسانيتك وأخلاقك هي من تشكل ملامح عفة نسبك وطهارة حسبك لا لقباً تذيل به اسمك ليس لك فضل في اختياره فإنما الفضل كل الفضل في طهارة معتقدك ونبل أخلاقك..
كن إنساناً ومارس إنسانيتك مع أخيك الإنسان.