خالد محمد الدوس
تلقيت قبل أيام قلائل خبر وفاة المربي الفاضل وأستاذ الأجيال «عبد العزيزبن محمد إبراهيم النمر» وكيل متوسطة ابن الرومي -سابقاً- بعد معاناته المرضية عن عمر يناهز السبعين عامًا -تغمده الله بواسع رحمته.
عرفت فقيدنا الغالي (أبو تركي) وكيلاً لمتوسطة ابن الرومي بحي البكر بجنوب الرياض قبل 30 سنة قبل أن ينتقل وكيلاً لثانوية بدر, وأخيراً الانتقال لمدارس الرياض وكيلاً للقسم المتوسط في التسعينيات الميلادية من القرن الفائت، حيث كان يحمل مؤهلاً جامعيًا في الدراسات الاجتماعية تخصص (جغرافيا) من جامعة الملك سعود التي تخرج منها في عام 1393هـ وكان ترتيبه الأول مع مرتبة الشرف.. قبل أن تتجه آماله وتطلعاته وطموحاته في خدمة العلم ونشر رسالته السامية في ميادينها التربوية والتعليمية, كان الراحل معلمًا وأبًا وأخًا ومحبًا لطلابه, وكان حديثه في توجهاته التربوية والاجتماعية والسلوكية لاتخلو من التذكير بطاعة الله تعالى والنصح والإرشاد ومتابعة أبنائه الطلاب وغرس قيم الطموح والمثابرة والكفاح في ميدان العلم والمعرفة، وحث الطلاب على القيم الدينية الفضيلة مثل المحافظة على الصلاة في المساجد واحترام الناس وبر الوالدين واحترام حقوق الجار, وكان مع طلابه بأسلوبه التربوي الأبوي.. المعلم الناصح والمربي الفاضل والأب الحاني لأنه دلف مجال التعليم مؤمنًا برسالة التعليم السامية بشعور كان ينبع ضميره بالصدق والإخلاص وروح العطاء والشعور بالمسئولية الملقاة على عاتقة تجاه ربه, من أجل أن يبني شخصية الطالب المثالي الذي تتأصل فيه قيم الأدب والنبل والانتماء الصادق للوطن, وحب العلم والأخلاق الفاضلة التي حث عليها ديننا الحنيف وجعلها من الأعمال الجليلة والغاية من بعثة النبي محمد -صلى الله وعليه وسلم- الدعوة للأخلاق فقد صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهي القيمة السامية التي لم يجعلها الإسلام سلوكاً مجرداً بل عدَّه عبادة عظيمة يؤجر عليها الإنسان، وترفع ميزانه في الآخرة. ولا غرابة من ذلك فقد كان الفقيد في منهج حياته حسن المعشر, متواضعًا مع طلابه, نقي السريرة, سليم القلب محباً للخير والعطاء باسم الثغر ملمهمًا لطلابه وأبنائه.فبعد أن كبرنا وكبرت معنا آمالنا وطموحاتنا وواصلنا تعليمنا العالي بتوفيق الله تعالى ثم لجهود وبصمات الأساتذة الأفاضل من جيل (الزمن الجميل) ومنهم الأستاذ عبد العزيز النمر -رحمه الله -الذي كانت له بصمة في حياتي التعليمية والتربوية مع بقية المعلمين الفضلاء ومنهم الأستاذ عبدالرحمن اليحيى والأستاذ عبد العزيز العثيمين والأستاذ إبراهيم الغملاس ومدير المدرسة المربي الفاضل والأب اناصح الأستاذ عبد الله محمد التويم، وهؤلاء وغيرهم ممن سقط اسمه سهواً.. كانت لهم أيادي بيضاء ودور كبير في تخريج أجيال خدموا وطنهم وتقلد بعضهم الكثير من المناصب الرفيعة على مستوى الوطن في مجالات مختلفة. فلم أنقطع من التواصل معهم وبالذات معلمي الراحل (أبو تركي) الذي كنت على تواصل معه خاصة في مرضه وتعبه في آخر أيامه، فرحل تاركًا سيرة عطرة وسمعة نيرة ستظل محفورة في الأذهان والوجدان.. مُحدثًا -غيابه- فراغًا كبيرًا في حياة الكثير ممن أحبوه وعرفوه عن كثب.. بعد أن خدم -فقيدنا الغالي- مجال التعليم أكثر من 35 سنة وكان نموذجاً وطنيًا محبًا صادقًا في تفانيه وإخلاصه وأمانته تجاه رسالته السامية.. هكذا هم الرجال الصادقون (يرحلون) ويبقى أثرهم وذكراهم العطرة حاضرة في الوجدان وراسخة في الأذهان.
فاللهم أجزه عنا خير الجزاء واغفر له وارحمه واجعل ما أصابه من مرض وتعب تكفيراً عنه وتطهيرًا له، وارفع منزلته في الفردوس الأعلى من الجنة.
والحمد الله على قضائه وقدره.