اعتدنا في معظم قصص التعدد بين الزوجات، أن تكون هنالك فجوة ومشاحنات بين زوجة الأب والأبناء، وبين الأولاد من زوجة أخرى، حتى بات الأمر من المسلّمات التي قامت عليها الحكايات.. إلاّ أن قصتي الجميلة مع (أمي سارة بنت عبدالله الدحيم).. مختلفة تماماً فقد عشت الأمومة في حضنها مذ كنت صغيرة، وتقاسمت تفاصيل بيتنا معها، فهي امرأة تتغير معها أشكال الحكايات وأفكارها النمطية.. فعُمرها لا يقاس بالسنوات، بل بما وهبها الله -عزَّ وجلَّ- من البياض في قلبها، وما حباها من محبة وخير وحنان وعطاء وتقوى، فمجلسها ظل دائماً عامراً بالذكر والتسبيح والاستغفار.. والأحاديث العفوية التي تعد ملاذًا لسكينة القلب، كل هذا عبر لسان يلهج بالدعاء لكل الأبناء سواسية، وبمشاعر تفيض صدقاً وحُباً..
هكذا، هكذا.. قلّما نجد قصة تشبه قصتي مع أمي سارة.. ففي بعض بيئاتنا الجافة التي لا ينمو فيها الحب، أو يذبل مع تضارب المصالح الدنيوية، سواء كان من قبل زوجة الأب، وانحيازها لأبنائها فقط، أو من قبل أبناء الأخرى واستقوائهم عليها، أقول سواء من هذا أو ذاك، فكل تلك الأنفس تغتال لذة الحياة، فينفضح أمرهم، وتتكشف الحياة على بشاعتهم..
وبعد كل هذا الحب المختلف الذي عشته مع أمي سارة، يظل هنالك حزن يتضاءل وآخر يتجمد في الأضلاع.. لكن جموح الذاكرة ينشط عندما يكون الحديث عن سيدة الطهر والنقاء أمي سارة، فهي من النماذج المثالية التي ترحل لتظل سيرتها العطرة غير قابلة للطي أو النسيان.. ولكننا مؤمنون برحمة الله في أن تكون ممن شملهم الله بالآية الكريمة: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
الجوهرة، ونورة، أختاي الغاليتان، مصابكما مصابنا.. جبر الله قلوبنا وقلوب كل محبيها، وإلى جنة الخلد بإذن الله «أمي سارة».
** **
- نوف بنت محمد بن فهد الثنيان