عبد الله سليمان الطليان
في علم النفس هناك ما يسمى (فصام) في الشخصية، رائده في ذلك عالم النفس السويسري يوجين بليولر، حيث أوضح الأعراض الرئيسية له وقال: إنها أربعة تبلد المشاعر والتوحد وضعف ترابط الأفكار والتناقض، وهي موجودة لدى كل شخص، لكنها تختلف في الشدة والأثر من شخص إلى آخر تأتي من عامل وراثي أو بيئي، وهي حقيقة موجودة.
تعد المشاعر هي الأساس في الدخول إلى تحليل (الشخصية) التي نتعامل معها، قسم بعض علماء النفس هذه المشاعر واعتبرها أساسية كالغضب والاشمئزاز والخوف والسعادة والحزن والدهشة، وطورها علماء آخرون وجعلوها في ثماني عواطف أولية، على أساس إيجابي أو سلبي: الفرح مقابل الحزن والغضب في مقابل الخوف، والثقة مقابل الاشمئزاز والدهشة مقابل الترقب، مع امتزاج بعضها البعض، مثال ذلك امتزاج الغضب والاشمئزاز لتشكيل الشعور بالاحتقار، ولقد اعتبرت على أنها الشعور البشري الكامل.
نسمع في واقعنا عن أشخاص يقال إنهم أصحاب (مزاج) هذه الكلمة التي تعرف على أنها ما جبلت عليه النفس من أحوال وطبائع وأخلاق يوجد فيها تناقض، فنقول هذا لطيف المزاج أو عصبي المزاج، هؤلاء يعيشون حقاً (فصاما) شخصيا مع التباين والتفاوت في عمق الأثر. ذكرنا سابقاً أن هناك اثرا وراثيا فنقول أحياناً وبشكل عفوي (الابن هذا طالع على أبيه أو خاله أو عمه) في الطبع يعنى أنه اكتسب هذا المزاج من أحد أقاربه، وهذا يعد ثابتا في كل شخص لا نستطيع تغيره، وكذلك البيئة التي يعيش فيها الشخص لها أثر في المزاج من مشكلات مالية أو اجتماعية تعصف بواقعه وتجعله في مزاج متعكر ومتقلب في حالة شدة هذه المشكلات، وأعتقد أنها في نسبة عالية في مجتمعنا وخاصة في مجال العمل. فتجد أحياناً لدى بعض الموظفين العبوس والتجهم والتقطيب والازدراء والسخرية من المراجعين بشكل مؤسف ولو بحثنا عن السبب لوجدنا أن هذا الموظف يعيش حقاً (فصاما شخصيا).