سارا القرني
جودة الحياة ببساطة تتلخص -ولا تنحصر- في معرفة السمات السلبية والإيجابية في الحياة العامة للفرد وترصد رضاه عن الحياة بشكل عام من جوانبها المختلفة (صحية، جسدية، بيئية، اجتماعية، أمنيّة ووظيفية).
ومنذ انطلاقة رؤية 2030 بدأ الحديث عن جودة حياة المواطنين والمقيمين والزوار في المملكة، وهو الأمر الذي يستدعي تطوير الكثير من البرامج الترفيهية والسياحية الموجودة واستحداث غيرها من المشاريع العملاقة والتي نشاهدها الآن وننتظر غيرها، لكن ماذا عن جودة حياة الموظف!؟
في دراسة توعوية نشرتها وزارة الصحة بالمملكة تفيد بأن متوسط ما يقضيه الشخص في المركبة طوال حياته هو 4.3 سنوات وهو للأمانة رقم كبير إذا اجتمع مع الإحصائيات التي تبدأ من عمر 24 عاماً حتى الـ60 عاماً وهي فترة إنتاج الإنسان في عمله بعد إكمال سني دراسته وغيرها، إذ تنقسم الحياة اليومية لدى الإنسان الطبيعي إلى 7 ساعات للنوم والراحة و8 ساعات عمل، 2.5 ساعة على أقل تقدير يقضيها في السيارة للذهاب والعودة من عمله، ليتبقى له من فتات الوقت سويعات يكون فيها مسؤولاً عن لوازم المنزل وتربية الأبناء وأداء روتين الحياة اليومي!
وفي ظل نظام التعليم الجديد.. يقضي الآباء والأمهات وقتاً غير قليل بمساعدة أبنائهم في فهم المناهج التعليمية التي تتطلب اكتساب مهارات وطرق تفكير متجددة لدى الطلاب، وهذا أيضاً ضمن الحياة اليومية التي تمضي دون أن يجد الموظف أو الموظفة وقتاً كافياً فيه.
تقليل ساعات العمل اليومية هو حل جذري للإشكال المطروح، وهو أيضاً طريقة لخلق فرص وظيفية جديدة بما يسهم في تقليل البطالة ودعم الاقتصاد.
لو كان قانون العمل يقضي بأنّ على الموظف أن يعمل بما لا يتجاوز 35 ساعة أسبوعياً أي بواقع 7 ساعات يومياً، فإننا سنوجد فرصة حقيقة لتحسين جودة حياة الموظف ورفع إنتاجيته، والأهم من ذلك.. هو إيجاد نظام صحي يتناسب مع مختلف الأعمار للعمل بكفاءة عالية طيلة حياتهم العملية!
اليوم الوظيفي لا يبدأ عند جلوس الموظف خلف مكتبه، بل عند خروجه من المنزل قبل دوامه بساعة على الأقلّ.. حتى عودته إلى المنزل بعد انتهاء عمله بساعة أخرى، مما يكلفه مجهوداً مضاعفاً يطالَب بعده بإتمام كافة الأعباء اليومية بسعادة ووجه مبتسم!
أتذكر إحدى الزميلات التي كانت معلمة في منطقة خارج مدينتها.. تضطر للاستيقاظ 3.5 فجراً لتجهز نفسها وتكون في السيارة 5 صباحاً كي تصل في موعدها المحدد وتؤدي مهامها التعليمية بأمانة وحرص، ثمّ تعود إلى منزلها عصراً لتُكمل رصد الدرجات وما إلى ذلك من مهام تُسند إلى المعلمين وتنام.. هكذا ببساطة يذهب يومها دون أن تقضي بعضه لتتمتع بالحياة!
لا أقول إن كل الموظفين يعانون.. لكن أغلبهم يؤيدني فيما أقول، فما فائدة رفع جودة الحياة باستحداث الفعاليات الترفيهية الكبيرة دون وجود وقت للاستمتاع بها، أو قضائه مع الأهل والأصدقاء!