عبده الأسمري
شكلت الحملة على الفساد التي وجه بها سمو ولي العهد وأشرف عليها وكانت وستظل على رأس اهتماماته وتوجهاته مرحلة جديدة في توظيف النزاهة وترسيخ العدل والحفاظ على مال الدولة وبتر أطراف الفساد واقتلاع جذور المفاسد..
شاهدنا ورأينا خلال الأعوام الأخيرة حجم التحقيقات والإدانات التي طالت أمراء ووزراء وقياديين ومسؤولين وموظفين حكوميين ومنسوبي قطاع خاص والتي أسهمت في إيقاف زحف «الفاسدين» ووأد مخططاتهم ولا تزال القوائم تعلن بشكل شبه أسبوعي لتعكس حجم «الفساد» الذي بدد ميزانيات الدولة وملأ أرصدة المتورطين وشوه وجه الأمانة وصادر مخصصات الوزارات..
من منظور نفسي وسلوكي دائماً ما يلجأ «الفاسدين» القدامى إلى وضع «الاحتياطات» ومحاولة الخروج من أزمة «الاشتباه» بضرورة «الانتباه» وفي ذلك مساعي مؤكدة للنجاة من الإدانة خصوصاً في «سجلات» المسؤولين الكبار الذين تحولوا من أصحاب صلاحية إلى مالكي مصالح ولهم في ذلك مسالك متعددة قد تكشف من خلال «مراقبة» الأرصدة ومتابعة «التدفقات» المالية أثناء مكوثهم على «كرسي» المسؤولية إضافة إلى مراجعة «سجلات» قياديين كبار كانوا ضمن قوافل «المتقاعدين» مبكراً وخلف ذلك العديد من «التساؤلات» والكثير من «المستمسكات».
بنظرة على الأموال «المنهوبة» فان اتجاهات «التحقيق» تقتضي الشخوص إلى سنوات خلت وأعوام مضت ففي ثنايا هذه الأموال «كفوف» متعددة ملطخة بسواد «استغلال النفوذ» مما يؤكد وجود جمع من الفاسدين يتعاونون لتمرير المستندات وإرساء «المناقصات» وتبرير المصروفات وفق نظام «خلايا» الفساد التي تستيقظ أثناء «غفلة» الرقابة وتنام حين «سطوة» المراقبة.
أسهمت الحملة على «الفساد» في إيقاف الكثير من «المخططات» التي كانت في «طور» الاستكمال لنهب المزيد من الأموال مما يؤكد أن هنالك «قضايا» تستدعي النكوص إلى الماضي والشخوص إلى الحاضر والتشخيص بشأن المستقبل إضافة إلى ضرورة الالتفات إلى وجود «أطراف» فاسدة تحاول جادة أن توقف بعض الخطط وأخرى تنوي استكمالها من أقصر الطرق ونوع أخير يحاول أن يغيب عنه «عيون» الاستدعاء بالتخفي وراء التصريحات المدوية والحضور المبالغ فيه أمام «فلاشات» الاعلام هرباً من «تجليات» الاتهام.
ضخت «الدولة» الكثير من «الأموال» في مشاريع كبرى بلغت مصروفاتها مليارات الريالات وسط «جهود» جبارة للجهات الرقابية للتدقيق في مشاريع ماضية ومتابعة الكثير من جلسات «التحقيق» في قضايا فساد سابقة الأمر الذي يستدعي ان يكون هنالك «توازن» و»انتباه» لمتابعة المشاريع الجديدة بشكل دقيق وفق «فرق» تراقب وأخرى ترصد وثالثة تكشف حفاظاً على مقدرات «الدولة» وإمعاناً في كشف أي «ألاعيب» جديدة أو «حيل» متجددة قد يقودها «أطراف» سابقين من خلايا سابقة أو آخرون يستغلون تخصيص أموال وفيرة لتلك المشاريع والاعتماد على فترات التسليم المستقبلية إضافة إلى استغلال انشغال «الرقابة» بنبش ملفات الماضي.
من المهم جداً أن يكون هنالك «لجان» متابعة للمشاريع وأن يتم تزويد «الهيئات» الرقابية بأعداد متزايدة من «الموظفين» وأن يستعان بالخبراء المتمكنين في مجال «التحقيق» وأن يكون هنالك ارتباط تقني وخطوط ساخنة مع الجهات المالية إضافة إلى متابعة ومراقبة الارتفاع الغير مبرر في حجم الأرصدة مع ضرورة الالتفات إلى ارتفاع «أرصدة» أقارب المسؤولين من الدرجة الأولى والكشف عن الثراء السريع وصكوك الأراضي والسيارات «الفارهة» المملوكة للأبناء والأقربين ومتابعة تدفقات المال في كل اتجاه ينبئ على وجود احتيال لإبعاد «عين» الرقابة عن أي متورط.
وفق تحليل نفسي واتجاه سلوكي يجب أن تكون هنالك «دراسة» وطنية شاملة وفق أسس بحثية ووقائع مسجلة لمعرفة ابعاد واتجاهات وسمات «شخصيات» المتورطين في الفساد لأنها ستتيح للجهات الرقابية منافذ وطرق جديدة في الكشف عن المتورطين الحاليين والقادمين فالحيل المكشوف عنها في قضايا «الفساد» تعكس «شخصية» الفاسد وميوله النفسي واتجاهه السلوكي في «حيل دفاعية» تكشف الكثير من «الخفايا» في «أوكار» الفساد.
من الملفات المهمة جداً في «قضايا» الفساد.. البحث في الفروع المتجددة والتشعبات المتنوعة لشخصيات مختلفة في شراء الأراضي وضخ الأموال «المهولة» في مشاريع تحت ظلال «التوقع» وفي ظل «أزمات» مالية قد تهب رياحها في أي وقت مع تتبع «أصول» تجارية تشكلت من «أموال» في دوائر «الاشتباه»..
للفساد «أوجه» متعددة و»جذور» متمددة فهنالك لصوص وحرامية ومختلسين وتتباين «القضايا» ما بين سرقة «المال العام» واستغلال النفوذ وسوء استخدام السلطة وتمرير التجاوزات والوقوع في المخالفات.
هنالك الكثير من «الملفات» التي تحتاج إلى نفض غبار الفساد عنها ومن المهم جداً أن تكثف «الزيارات» السرية لرصد الأخطاء والكشف عن «المظالم» وحماية المخصصات المالية والتدقيق في المناقصات ومعرفة خلفيات الأسماء «العتيقة» و»المكررة» والتي ظلت عقود وهي تستحوذ على «المشاريع» تحت مظلة «المصالح» ومن المهم التدوير شبه السنوي للقيادات في فروع الوزارات بالمناطق بمنطقية «التوزيع» الذكي للتعيينات والتي ستوقف العديد من المفاسد.