كثرة الأكل..!
* أشتكي من كثرة الأكل، وكما تعلمون أن كثرة الأكل مذمومة، وحاولتُ كثيرًا التقليل منه ولمُدَّة طويلة، ولكن ما استطعتُ، وإن فعلتُ؛ فكنتُ أُقلِّل لفترة وجيزة لا تتجاوز الأسبوعين، ثم أعود إلى ما كنتُ عليه، فما نصيحتكم؟
- الإشكال أن كثرة المأكولات التي وُجدتْ في عصرنا، ولم تكن موجودة قبلنا ،والتفنُّن في إعداد الأطعمة؛ يجعل الإنسان يُسرف في الأكل، والمشكلة أن هذه الشكوى كثيرة، فأُناس عاشوا مُددًا متطاولة على نمط من الأكل، ثم انفتحت الدنيا، وتنوَّعت المأكولات، وتفنَّن الناس، ثم صاروا يأكلون ما لا يأكلونه قبل، ولا شك أن كثرة الأكل مذمومة، وتعوق عن تحصيل مصالح عظيمة، كما يقول أهل العلم: (البِطنة تُذهِب الفِطنة)، ولهذا أثر على الحفظ، وأثر على العبادة، وأثر على اجتماع القلب، وكثرة الأكل من الصوارف والصوادِّ التي تصدُّ الإنسان عن الإقبال على الله - جلَّ وعلا-، ومن أسباب غفلة القلب. وذكر ابن القيم -رحمه الله- في (مدارج السالكين) أن كثرة الأكل، وكثرة النوم، وكثرة الخلطة، وكثرة الكلام، وكثرة الاستماع إلى ما لا ينفع؛ كلُّ هذه تأثيرها على القلب كأنها فُرَج أو فتحات يتنسَّم منها القلب المُجتمِع، فتصوَّر أنك وضعتَ طيبًا في مكان مغلق محكم الإغلاق؛ سيحتفظ به مُدَّة طويلة، لكن لوكثُرتْ هذه الفتحات في هذا المكان، فهل سيستمر هذا الطيب؟ فهذه الأمور كأن القلب يتنفَّس من خلالها في تضييع ما جُمع، فعلى الإنسان أن يُقلِّل منها.
* * *
البر في الوالدة بعد وفاتها
* تُوفيتْ والدتي -رحمها الله-، فكيف أَبرُّها بعد وفاتها؟
- في (سنن أبي داود) عن أبي أُسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرُّهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصَل إلا بهما، وإكرام صديقهما» (5142)، وفي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أوولدٍ صالحٍ يدعو له» (1631)، والله أعلم.
**
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-