أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبوعبدالرحمن: تكلَّم أهل اللغة وأهل الرسم الهجائي عن خصائص الحروف والأعداد وأسرارها كلاماً علمياً، ثم تكلَّم بعض المفسرين وبعض المحدثين عن خواص وأسرار الأعداد استقراءً واستنباطاً، وفي كلامهم الحق والباطل، وتكلم النحاة وأصحاب حروف المعاني عن خصائص رقم 7 في كلامهم عن واو الثمانية، وتكلم بعض الأدباء عن شيء من ذلك بالخرافات والدعاوى الكاذبة، وتكلم السحرة والصوفية عن خصائص وأسرار الحروف والأعداد، وأسرف المعاصرون في الكلام عن الإعجاز العددي في القرآن الكريم.. ومعظم كلامهم قول على الله بغير علم؛ فمما أُلِّف في عموم ذلك استعراضٌ للمحدِّث صدر الدين أبي علي الحسن بن محمد البكري (- 656هـ) -رحمه الله تعالى- عن ظاهرة عدد أربعين (في كتابه (كتاب الأربعين حديثاً/ الأربعين: من أربعين: عن أربعين ص46-48)، وبَنى شهاب الدين أحمد بن يحيى ابن أبي حجلة (- 776هـ) -عفا الله عنه- كتابه (سكردان السلطان) (والمراد به خوان الأكل، وهو كناية عن الظواهر العلمية حول ممدوحه سلطان مصر الحسن بن ناصر بن قلاوون) على خاصية العدد 7، وشحنه بأكاذيب وأوهام.. ومن المؤلفين عن خصائص الحروف والأعداد في السحر محمود نصر، وعبدالفتاح الطوخي.. وتكلَّم ابن جني كلاماً علمياً في خصائص الحروف بكتابه الخصائص، وألَّف محمود عبدالرزاق الحمصي دراسة استقرائية عن الرقم 7 تَنْتَقِض باستقراء رقم آخر، وألَّف بسام نهاد جرَّار عن إعجاز العدد 19، وألَّف عاطف علي صليبي عن الإعجاز العددي في القرآن الكريم كتابه (أسرع الحاسبين)، ولعبدالرزاق نوفل الإعجاز العددي في القرآن، وألَّف الدكتور بهاء الدين الوردي حول رموز القرآن الكريم، وألَّف رضوان سعيد فقيه (الكشوف في الإعجاز القرآني وعلم الحروف).. وكل ذلك أوهامُ علمٍ يهودية المَنْبع، وكُتُبُ ابن عربي الصوفية مليئة بهذه الخرافات.. قال الأستاذ عبدالرزاق نوفل: «البصر والبصيرة.. والقلب والفؤاد.. لقد تكرر لفظ البصر وهو الرؤية الظاهرة ومشتقاته كافة، والبصيرة وهي الرؤية الداخلية عن طريق الحس، وكذلك كل مشتقاتها 148 مرة، حيث ورد لفظ بصير 36 مرة، وذلك في مثل النص الشريف: {هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} (16 من سورة الرعد).. وورد لفظ أبصار 18 مرة في مثل النص الكريم: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} (2 من سورة الحشر)، وورد لفظ بصيراً 15 مرة في مثل قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَمِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (2 من سورة الإنسان)، وورد لفظ أبصارهم 14 مرة في مثل النص الشريف: {وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} (20 من سورة البقرة)، ولفظ يبصرون تكرر 12 مرة في مثل النص الكريم: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} (198 من سورة الأعراف )، ولفظ تبصرون 9 مرات في مثل النص الشريف: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (21 من سورة الذاريات)، ولفظ البصر تكرر 8 مرات في مثل النص الكريم: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ} (3 من سورة الملك)، ولفظ بصائر 5 مرات في مثل النص الشريف: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ} (20 من سورة الجاثية)، وتكرر 3 مرات لفظ مبصراً في مثل قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} (61 من سورة غافر)، وكذلك لفظ مبصرة في مثل النص الكريم: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (12 من سورة الإسراء)، ومرتين تكرر لفظ أبصر في مثل قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} (38 من سورة مريم)، ولفظ بصيرة في مثل النص الشريف: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (14 من سورة القيامة)، ولفظ أبصاركم في مثل النص الكريم: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ} (46 من سورة الأنعام)، وورد مرة واحدة المشتقات في النصوص الشريفة: {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} (96 من سورة طه)، {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (11 من سورة المعارج)، و{فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} (104 من سورة الأنعام)، و{رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12 من سورة السجدة)، و{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ، بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ} (5-6 من سورة القلم)، و{لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا} (42 من سورة مريم)، و{وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} (179 من سورة الصافات)، و{وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُوَ} (175 من سورة الصافات)، و{تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} (8 من سورة ق)، و{إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (198 من سورة الأعراف)، و{فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} (38 من سورة العنكبوت)، و{فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (22 من سورة ق)، و{وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ} (23 من سورة الجاثية)، و{وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً} (26 من سورة الأحقاف)، و{لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} (15 من سورة الحجر)، و{قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ، أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} (8-9 من سورة النازعات)، و{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (31 من سورة النور).
وهذا العدد نفسه - أي 148 - تكرر بلفظ القلب ومشتقاته والفؤاد ومشتقاته كذلك، والقلب والفؤاد هو جهاز الإدراك والوعي؛ إذْ تكرر لفظ قلوبهم 68 مرة في هذا النص الشريف {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (5 من سورة الصف، و{أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28 من سورة الرعد)، ولفظ قلوبكم 15 مرة في مثل قوله تعالى: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} (11 من سورة الأنفال).. وتكرر لفظ قلبه 8 مرات في مثل قوله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (11 من سورة التغابن)، وتكرر 6 مرات لفظ قلوبنا في مثل النص الشريف: {وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا} (10 من سورة الحشر)، وكذلك لفظ قلب في مثل النص الكريم: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (89 من سورة الشعراء)، وورد لفظ قلبك 3 مرات في مثل النص الشريف: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} (193-194 من سورة الشعراء)، ومرة واحدة وردت المشتقات في النصوص الكريمة: {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} (10 من سورة القصص)، و{قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (260 من سورة البقرة)، و{إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (4 من سورة التحريم)، و{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (53 من سورة الأحزاب).. وتكرر لفظ أفئدة 8 مرات في مثل قوله تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} (113 من سورة الأنعام)، وورد 3 مرات لفظ الفؤاد في مثل النص الكريم: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (11 من سورة النجم)، وكذلك لفظ أفئدتهم في مثل النص الشريف: {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ} (26 من سورة الأحقاف)، وورد لفظ فؤادك مرتين في مثل النص الشريف: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} (32 من سورة الفرقان)، وبذلك يكون قد تساوى عدد مرات ذكر البصر والبصيرة إذ تكرر 148 مرة بعدد مَرَّاتِ ذِكْرِ القلب والفؤاد؛ إذْ تكرر 148 مرة» (الإعجاز العددي ص19-24)..
** **
كتبه لكم/ أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري (محمد بن عمر بن عبدالرحمن العقيل) - عفا الله عَنِّي، وعنهم، وعن جميع إخواني المسلمين