اللَّيْلُ لَمْ يَهْدَأْ
وذاكِرَةُ الحُقُولِ تَخَيَّرَتْ فينا الحَصَادا
واللَّيْلُ لَمْ يَنْكَأْ سَلامًا
فالسَّلامُ فَريضَةٌ تَلِدُ الحِدَادا
جِئْنَاكَ يا هذا
احْتِمَالًا لا يُشَمُّ بَياضُهُ ؛
فانْضَحْ سَوادا
ويَدُ البِلادِ عَقِيمَةٌ في النَّائِبَاتِ
فَفِيمَ نَقْتَرِحُ البِلادا ؟
شَجَرًا بَذَرْتُكَ يا كَلَامُ ..
وَرِثْتُ مِنْ فَوضَاكَ أيَّامًا شِدَادا
حتَّى إذا مَسَّ الكَلامُ جُلودَنا
لم نَجْتَرِحْ كَلِمًا مُعَادا
يَكْفي حَمَام البَيْتِ أَنْ يَطَأَ السُّقُوفَ
لأَنَّها تَهَبُ الوِهَادا
***
اللَّيْلُ جَاءَ مُسَيَّجًا بخُطى العِبَادِ
وبَعْدَها أَكَلَ العِبَادا
لم يَمْنَحِ اللَّيْلُ الفَقِيرَ هُويَّةً
بل عَاشَ يَمْنَحُهُ اضْطِهَادا
واللَّيْلُ جَاءَ مُسَيَّجًا
بِكُهُولَةٍ تَرْمي على المَوْتِ العِنَادا
فَعَلامَ نَغْفِرُ للذِّئابِ
جَريمَةَ الرَّاعي الذي نَسِيَ الرقَادا ؟
وعَلامَ نَغْفِرُ للبَعِيدِ
ضَلالَهُ الغَافي على ثَوْبٍ تَهَادى ؟
وعَلامَ فِكْرَتُنا تَضُجُّ ؟
ولَيْتَها بضَجِيجِها بَلَغَتْ مُرَادا
فاحْرُسْ «ثَمُودَكَ»
مِنْ غَشَاواتِ الذين تَلَبَّسُوا في الأَرْضِ «عادا»
هُمْ يَسْرِقونَكَ
حين تَسْكُنُ في الكُهوفِ
وحين تَحْتَشِدُ احْتِشَادا
***
وقَبَضْتُ ذَاكِرَتي
التي هَيَّأْتُها ..
وقَبَضْتُها وَطَنًا مُبَادا
الآن تَجْرَحُني ثِيابٌ
يا ثِيابُ: جُروحُنا جاءَتْ فُرَادى
والآن تَجْرَحُني خُطُوبٌ
يا خُطُوبُ: سأَرْتَدي -عَبَثًا- ضَمَادا
إِنِّي حَرَسْتُ ذَخيرَتي مِنْهُمْ
فَهُمْ سَيْفٌ على جَسَدي تَمَادى
فاحْرُسْ فُؤَادَكَ
في الحُضُورِ وفي الغِيَابِ
فَرُبَّما قَتَلوا الفُؤَادا
**
* حسن عبده صميلي