المحليات - واس - جدة:
أدان مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بشدة، تكرار الاعتداءات السافرة على حرمة وقدسية المصحف الشريف، والتي كان آخرها في مدينة ستوكهولم، عاصمة مملكة السويد، يوم الخميس 20 يوليو 2023، وكذلك في مدينة كوبنهاجن، عاصمة مملكة الدنمارك يوم الاثنين 24 يوليو 2023.
واستنكر المجلس تكرار أفعال تدنيس نسخ من المصحف الشريف، ويأسف بشدة لاستمرار السلطات السويدية في إصدار تصاريح تسمح بتنفيذها، وعدم اتخاذ ما يلزم لمنعها في كل من السويد والدنمارك. وأعرب المجلس خلال الدورة الاستثنائية المنعقدة أمس، عبر الاتصال المرئي، عن بالغ القلق إزاء تزايد حوادث التعصب والتمييز وأعمال العنف التي يشهدها العالم، ولاحظ بقلق أن محاولات نشر كراهية الإسلام آخذة في الازدياد في أجزاء كثيرة من العالم، كما يتضح من العدد المتزايد من حوادث التعصب الديني والقوالب النمطية السلبية والكراهية والعنف ضد المسلمين؛ وإذ تعزز حوادث حرق نسخ من المصحف الشريف التعصب والتمييز.
واعتبر المجلس أن عدم اتخاذ السلطات في السويد والدنمارك إجراءات تمنع تكرار مثل هذه الأفعال، مخالف لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2686 (2023) الصادر يوم 14 يونيو 2023، حول التسامح والسلم والأمن الدوليين.
وأقر المجلس إرسال وفد من منظمة التعاون الإسلامي برئاسة الأمين العام، لحث مفوضية الاتحاد الأوروبي للإعراب عن إدانة الدول الأعضاء في المنظمة لجريمة تدنيس المصحف الشريف، ودعوتها إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، لضمان عدم تكرار ذلك العمل الإجرامي تحت ذريعة حرية التعبير.
ودعا المجلس الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعيين مقرر خاص معني بمكافحة الإسلاموفوبيا، وجدد على ضرورة مساهمة البلدان الإسلامية على نحو فاعل في عملية صياغة المبادئ والأنظمة واللوائح المتعلقة ببيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على المستوى الدولي؛ ويشدد على ضرورة تحمل المنصات الرقمية ومزودي خدمات الإنترنت العابرة للحدود لمسؤولياتها، وضرورة مساءلتها فيما يتعلق بمنع الترويج للإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية والمس بالمقدسات الدينية والثقافية للأمم والتصدي له.
كما دعا المجلس إلى اتخاذ إجراءات قانونية مناسبة تجاه خطاب الكراهية والمحتوى العدواني، اللذين من شأنهما أن يُؤديا إلى التحريض على العنف، سواء على الإنترنت أو في الواقع، وبالتالي بإمكانهما الإساءة إلى المعتقدات الدينية للشعوب والمس بمؤسساتها وكتبها المقدسة ورموزها الدينية.
ودعا سفراء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في العواصم التي تقع فيها أعمال شنيعة ضد نسخ من المصحف الشريف والرموز الإسلامية المقدسة الأخرى، إلى بذل جهود جماعية على مستوى البرلمانات الوطنية ووسائل الإعلام ومنظمات
المجتمع المدني.، فضلاً عن المؤسسات الحكومية الأخرى، للتعبير عن موقف منظمة التعاون الإسلامي وحث الجهات ذات الصلة على اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لتجريم مثل هذه الاعتداءات، آخذة في الحسبان أن ممارسة حرية التعبير تنطوي على
واجبات ومسؤوليات خاصة.
كما دعا جميع بعثات منظمة التعاون الإسلامي في المنظمات الدولية المعنية التي هي معتمدة لديها (نيويورك وجنيف وبروكسل) إلى أخذ زمام المبادرة من أجل التصدي لأعمال الكراهية ضد الإسلام ورموزه ومقدساته في تفسير الاتفاقيات ذات الصلة، وكذلك وضع نصوص قانونية دولية جديدة لهذا الغرض.
وندد المجلس بتكرار جريمة تدنيس نسخ من المصحف الشريف الذي آثار حفيظة ومشاعر حوالي ملياري مسلم في أنحاء العالم كافة، مما يمثل تجسيداً خطيراً لثقافة الكراهية والعنصرية، ومظهراً من مظاهر الإسلاموفوبيا، والمطالبة بالوقف الفوري لمثل هذه الأفعال الاستفزازية المتطرفة وتجريمها، وضرورة احترام النصوص والرموز الدينية وتعزيز ثقافة السلام وقبول الآخر.
فيما دعا مؤسسات المجتمع المدني الإسلامية في الدول الأعضاء إلى العمل مع نظيراتها في الدول التي تقع بها اعتداءات معادية للإسلام على نسخ من المصحف الشريف وغيره من القيم المقدسة، على اللجوء إلى المحاكم المحلية واستنفاد جميع إجراءات التقاضي المحلية، ورفع الدعاوى إلى الهيئات القضائية الدولية عند الاقتضاء. كما دعا جميع الحكومات إلى التنفيذ الكامل للإطار القانوني والإداري القائم أو تكييف تشريعات جديدة إذا لزم الأمر، بما يتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي والقواعد والمعايير لحماية جميع الأفراد والمجتمعات من الكراهية والعنف، على أساس الدين والمعتقد، ولضمان حماية أماكن العبادة.
وكان معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه قد جدد خلال كلمته في افتتاح الدورة الاستثنائية الثامنة عشرة لمجلس وزراء الخارجية بدول منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت أمس افتراضياً، دعوته إلى السلطات السويدية والدنماركية إلى اتخاذ إجراءات على المستوى الرسمي لمنع تكرار تدنيس وحرق نسخ من المصحف الشريف، معرباً عن خيبة أمله من عدم اتخاذ أي إجراءات في هذا الصدد حتى الآن، داعياً السلطات إلى النظر في خطورة القضية بالنسبة للعالم الإسلامي وانعكاساتها على علاقاتها مع دول المنظمة.
ونقل الأمين العام مخاوف الدول الأعضاء إلى حكومتي السويد والدنمارك والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي، من استمرار إصدار السلطات السويدية والدنماركية التراخيص التي سمحت بارتكاب مثل هذه الأعمال التي وصلت
إلى مستوى مقلق. وأوصى الدول الأعضاء في المنظمة باتخاذ الإجراءات السيادية التي تعبر عن رفضها الموقف الذي اتخذته السلطات المعنية في البلدين إزاء تكرار الإساءة والحيلولة دون تكرار هذه الأعمال، في وقت تبذل فيه جهود كبيرة لنشر قيم التسامح والاعتدال والاحترام المتبادل والتفاهم، التي لطالما أسهمت فيها المنظمة ودولها، مشيراً إلى أنه أبلغ الحكومة السويدية بتعليقه صفة المبعوث الخاص للسويد لدى المنظمة. وأكد معاليه أن مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع للأمم المتحدة تناول -مؤخراً- هذه التطورات؛ وذلك بناء على طلب الدول الأعضاء في المنظمة واعتمد القرار 53/1 بشأن «محاربة الكراهية الدينية التي تشكِّل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف»، معرباً عن فائق تقديره للمملكة العربية السعودية الرئيس الحالي للقمة الإسلامية ورئيس اللجنة التنفيذية، ولجمهورية العراق على الدعوة لعقد هذه الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء الخارجية.