ما أصعب أن يمتلئ قلبك بالحزن العميق والأسى حينما تفقد أعز شخص في حياتك، ومن ثم ترى الحزن يعمُّ جميع أفراد أسرتك، فقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة لنا، بعد أن رحل عنا أغلى الناس والدي (الأب والمربي والموجّه)، وغاب عنا.. نعم غاب عنا وعن أعيننا فزاد الحُزن، وضاق الصدر، رحل عنا وقد ترك بعض الذكريات الجميلة بمشاعرها العميقة هُنا وهُناك، فارقنا والدموع تودّعُه، إنها سنة الحياة فلا مهرب من سنة الحياة.. أن يأتي اليوم الذي أودع فيه أغلى الناس وصورته عالقة في ذهني ولن تفارقني ما حييت، والدي الغالي وحبيبي الذي تردد صوته الندي على مسامعي طوال عمري وكنت لا أنام حتى أستمتع بسماعه، ذهب جسده وبقيت روحه وصورته أمام ناظري وفي أحلامي باقية لن تذهب حتى وإن طال الزمان بها.
لقد مرت أربعة أشهر بالتمام والكمال على رحيل والدي الغالي الشيخ (صالح بن محمد الفرزان الشهري) غفر الله له بعد أن عاش ثمانين عاماً من الزمان قضاها في رحاب الطاعة والعبادات, رغم أعماله في التجارة مع ذلك كان -رحمه الله تعالى - حريصاً على العبادات والطاعات والالتزام بها. بعد أن رحلت كلمح البصر وأعلم أننا فقدناك ورحيلك كان قضاء الله وقدره ولكن رحيلك صعب المنال على القلب والروح.. وغيابك صعب جداً لأن الذي مات السند والصديق والمربي الفاضل الذي لم أفترق عنه أبداً والذي تقاسمت معه الحياة. كان أب الكرم والعطاء والشهامة والوفاء والنبل..أب الحنان والسعادة والأمان.. رحلت جسداً ولكن روحك وكلماتك كلها في الذاكرة ستظل محفورة وحاضرة في الوجدان.
عاش أبي حياة عصامية مكافحاً منافحاً منذ بواكير عمره.. حيث كان يعمل في سنٍّ صغير وعمل في عدة مجالات إذ عمل في القطاع الحكومي والقطاع الخاص والعمل الحر ولم ييأس حتى حقق ما يريد. اشتهر أبي بحب العطاء ومساعدة الآخرين والإحسان وعمل الخير والكرم ولم يقفل بابه في وجه أحد كان يحتاج إليه, وكان سنداً لكثيرٍ ممن حوله يقف مع المحتاج ويجبر قلب الكسير ويحب الإنفاق والعطاء بسخاء لأنه رجل كريم جُبل على هذه القيم الفضيلة والتي كانت منهج حياته الاجتماعية ومتأصلة في شخصيته الأبوية التربوية.
كان بيته -رحمه الله تعالى - مفتوحاً للضيوف وللأقارب كان كثير الصدقات والأعمال الجليلة وحب الخير. أبي لن يضيع ماعملته مع أبنائك وأنا منهم والذي غرسته في نفسي من قيم وفضيلة وحسن تربية واحترام الجميع والأدب الجم.
رحمك الله أبي الغالي فقد كنت سحابةُ رضا واطمئنان، أظلَّتنا سنيناً نحن أبناؤك وأحباؤك، ننهلُ من مَعِين صافٍ اسمه (الأب الصالح).
وأخيراً وليس آخر لا أقول إلا - الحمد لله- على كل حال. لقد قدمت إلى رب كريم يعطي الجزيل، فاللهم أنزل على( أبي) شآبيب الرحمة.. اللهم أرحم القلوب الطاهرة وأجمعنا بهم ومن نحب في الفردوس الأعلى من الجنة.
** **
- هند بنت صالح الشهري