عمر إبراهيم الرشيد
يقال في مثل بسيط له مغزاه (إن الذي يحكم في إفريقيا هو أول من يصحو باكراً)، في وصف لتعاقب قصص الانقلابات في معظم دول هذه القارة الحزينة على امتداد تاريخها. ويبدو أن عربدة الفرنسيين قاربت على النهاية ليحل محلهم الصينيون والروس، فلطالما نهبت فرنسا وهي التي احتلت العديد من بلدان القارة السمراء ثروات تلك الدول، محطمة كل مايقف في طريق نهبها لتلك الثروات من بشر وحجر ومنها النيجر، والتي شهدت انقلاباً قبل أيام. ويعد محمد بازوم والذي انقلب عليه العسكر أول رئيس للنيجر من أصل عربي، فهو ينتسب إلى قبيلة الميايسة القادمة من ليبيا، والتي يرجع أصلها إلى بني سليم المهاجرة من نجد في الجزيرة العربية.
ترى هل قدر إفريقيا أن تظل هكذا مسرحاً لصراعات المصالح والجشع وجوع السلطة والشره المادي، حد العمى عن عذابات الأفارقة منذ قرون؟ فهذه الشعوب السمراء تموت قهراً قبل الموت جوعاً، وما السودان عنا ببعيد، فلمعان الذهب يعمي أبصار المتاجرين بأوطانهم، فيمكنوا الطامعين من غربيين أو شرقيين أحياناً من احتلال دولهم ولو بالوكالة، لضمان تدفق تلك الثروات إلى بلد الاحتلال، فرب عقد طوق عنق فرنسية أو بلجيكية تحطم في سبيل إخراجه من منجم ألماس في بلد إفريقي عدد من الرجال، اضطرتهم لقمة العيش للعمل في ظروف مأساوية كأقل وصف. وإلا لم هب ماكرون للتنديد بانقلاب النيجر، في عبارات براقة وهي بضاعتهم للدفاع عن مصالحهم بأي ثمن.
بدأت ملامح عالم جديد بالتّشكّل، فالصين توغلت في إفريقيا اقتصادياً، وهاهي روسيا تتبعها وبأسلوب ربما مشابه للصين، محاولين ربما الاستفادة من دروس الدول الاستعمارية التي نهبت خيرات هذه القارة الحزينة مثل فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وغيرها عن طريق التدخل العسكري المباشر كما حدث خلال قرنين من الزمن، فهل ستكون الصين وروسيا كذلك أرحم بإفريقيا من أهلها وأبناء أرضها؟
إفريقيا بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى شخصيات أمثال محمد سوار الذهب، نلسون مانديلا، أحمد سكوتوري وغيرهم من حكماء إفريقيا وقادتها الوطنيين، فهذه القارة تحوي في باطنها كنوز العالم من نفط وغاز وذهب ومعادن، وعلى أرضها الغابات والثروات الحيوانية الهائلة، فمتى تنتهي عذاباتها ويبزغ فجرها فقد طال ليلها البهيم.. إلى اللقاء.