م. بدر بن ناصر الحمدان
الحراك الذي تشهده المدن السعودية بقطاعاتها المختلفة نحو تحسين المشهد البصري أمر إيجابي، ويبرهن على أن هذه المدن قد دخلت حيز التنفيذ من أجل إحداث عمل نوعي في جمالية عمران المدن على نطاق أوسع، إذ إن هذا الحقل بالذات كان منحصراً لفترة من الزمن في تهيئة عناصر محددة داخل الفضاءات المكانية المفتوحة دون مراعاة لمحيط البيئة العمرانية ووظائفها بشكل متكامل.
نحن هنا نتحدث عن الجاذبية البصرية العمرانية التي يفترض التعامل معها «كمُنتَج» لمجموعة أعمال إدارة المدن على مستوى العمارة والتخطيط والإنشاء والتشغيل والصيانة والمراقبة، بشكل يتجاوز النظر اليها كمشروع أو مبادرة أو برنامج بحد ذاتها، كونها عملية ديناميكية تفاعلية مستمرة، تعتمد وبشكل رئيس على المواءمة مع كل فعل داخل المدينة مهما كان نوعه.
يمكننا القول إن مصطلح «التنسيق الحضري» يمثـل العنوان الأشمل لتحقيق القيم الجمالية في الفراغ العمراني، وتحسين الصورة البصرية للمدن، وهو على المستوى النظري مزيج بين مساري «التصميم العمراني» و»تنسيق المواقع»، بهدف تشكيل البيئة العمرانية، والرفع من مستوى جودتها، ومن خلاله يتم النظر إلى الجاذبية البصرية على أنها مجموعة من الوظائف التي تؤدي إلى جمالية المكان، ولا تقتصر على عناصر الجمال فقط، هذا أحد معايير تنافسية المدن.
تبنى المدن لمبادئ «التنسيق الحضري» بشكل عملي سيمثل أداة مستدامة، لتساعدها في تحقيق أهدافها في تحسين المشهد الحضري وتعزيز الجاذبية البصرية، وأن تعمل على إدراج هذا العنصر في أعمالها كافة كـ»ثقافة جودة» لأي مشروع أو برنامج يتناول إجراء تغييراً في تركيبة البنية التحتية داخل المدينة، ولضمان تحويله كحصيلة لكل ما تقوم به إدارة المدينة، باعتبار أنه ليس أمراً طارئاً على أجندة أعمالها، بل جزء أصيل من مكونات إدارتها العمرانية.