ليلى أمين السيف
القصة الثانية..
الصدمة كانت فوق احتمالي.. أسأله أن يوضح لي الأسباب وهو بكل برود يخبرني وغيري كثيرين أننا سنعود إلى وجهتنا الأولى..
كانت هناك سكرتيرة سفير غانا قادمة من غانا وأنا وسودانية لديها الجنسية السويدية قادمتان أنا وهي من مطار كوبنهاغن في الدانمارك.
أوضحنا له أن حجزنا كان الدانمارك جدة والترانزيت كان القاهرة ولو في أي خطأ فهو خطأ مصر للطيران وليس خطأنا فقال بسخرية:
«ابقي كلميهم هناك .. احنا مالناش دعوة».
بصوت مبحوح يملأه الوجع: «هو أنت مستوعب قسوة ردك هذا».. البنت التي معي انهارت أما أنا فلم أستوعب.. وكانت هناك مصرية لديها جنسية أميركية قادمة من أميركا منعوها أيضاً وطلبوا حجرها هي وأبناءها بسبب كورونا..
المهم.. بعد التي واللتيا قال لي نسمح لك بدخول مصر لو حابة أو تعودين للدانمارك رفضت لأن معنى دخولي مصر هو انتهاء فيزتي للسعودية فلابد من الحجر 14 يوماً في بلد آمن وفيزتي تنتهي آخر شهر يوليو.. هذه الفيزة التي تكبدت لأجلها مبالغ كي أزور أمي وأجتمع بأبنائي عندها.
وكانت أختي ترجوني أن أبقى في مصر فهي أيضاً حرمت من رؤيتها لما يزيد عن الخمسة عشر عاماً ولكن وجهتي الأساسية جدة وأمي وأبنائي فقلت لأختي أنا عاملة حسابي أزورك في طريق العودة..
وبقينا ننتظر على الكراسي وأكلنا البرد وتخشبت عظام ظهري.. حاولت الاتصال بأهلي وأحبتي ولكن مطار مصر للأسف ينقصه خدمة النت المجاني فأسعفتني عاملة نظافة بفتح الشبكة بعد أن نفتحها ما تيسر لي وأصبحت محطة اتصال لكل من ضاق به الحال ولم يستطع مواصلة المسير فالكل يريد أن يطمئن الأحبة.
ولم نستطع النوم.. وفي التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي اصطحبنا موظف من الأمن معه الجوازات وبطاقات الصعود وصحبنا لداخل الطائرة كأننا مجرمون وأجلسنا في آخر الطائرة أنا والمرأة السويدية الجنسية سودانية الأصل. وكنت جائعة ولم أستطع النوم فأكلت قليلاً من الأرز الذي أصابني بالإعياء والإسهال والتطريش ولم تأكل رفيقة رحلتي التي توسدت الثلاثة كراسي ونامت حتى انتهاء الرحلة وبقيت أدعو طوال الرحلة أن يخلف علي خيراً..
وهبطت الطائرة في مطار كوبنهاغن وقبل هبوطها اكتشفت أن إقامتي السويدية ليست معي..
كتبته ليلى ابنة -أبوها - أمين المشهري رحمه الله وعفا عنه وعننا وعن موتانا أجمعين.. ورزق الله أمي وأهلي وإياكم الخير كله.