عبدالله عبدالرحمن الخفاجي:
دائماً ما يكون للفنون دورٌ هامٌّ في توعية المجتمع ونشر الرسائل الإيجابية بطرق مختلفة تصل إلى المتلقي بطريقة سلسة وترسخ في ذهنه وتؤثر على أفكاره، وللفنون البصرية والفن التشكيلي خاصةً تأثير مختلف، حيث يخاطب الفكر من خلال حاسة البصر دون كلمات أو حديث مسموع لتنتقل الأفكار وتأثيرها بشكل أسرع وتساهم في نشر الوعي والثقافة وتساهم أيضاً بالعلاج من خلال المفردات الفنية وألوانها وأثرها النفسي على المتلقي.
نظمت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، الملتقى العلمي «الثقافة والفنون ودورها في مكافحة الجريمة والتطرف» وذلك في مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية في مقر الإيسيسكو.
وقدمت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية دعوة لسعادة الدكتورة منال الرويشد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» لتقديم ورقة عمل عن الفن التشكيلي وأثره في مكافحة الجريمة والتطرف.
ويهدف الملتقى إلى:
التعريف بوظيفة العمل الفني والثقافي في مجال مكافحة الجريمة وإعادة تأهيل ذوي السوابق الإجرامية والإرهابية لتسهيل إعادة دمجهم في المجتمع.
إبراز أهمية المحتويات الثقافية والفنية بدعم التعايش بين الأفراد والشعوب والحضارات في مكافحة التطرف والإرهاب.
استعراض أفضل الممارسات والتجارب العربية والإقليمية والدولية.
ومحاور الملتقى:
الثقافة والفنون قوة ناعمة دائمة للتعايش بين الحضارات والشعوب.
تقرير وتطوير بناء المحتويين الثقافي والفني لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الشراكة بين الأجهزة الأمنية والعدلية والثقافية في بناء المحتوى الفني ومكافحة الجريمة.
أنواع الأعمال الثقافية والفنية ومدى إسهامها في مكافحة الجريمة والتطرف.
دور الثقافة والفن في الدمج المجتمعي من خلال برامج إعادة التأهيل.
سبل تعزيز وتطوير دور الثقافة والفن في مكافحة الجريمة.
الممارسات الفضلى للمؤسسات الثقافية والفنية وأثرها في مكافحة التطرف.
افتتح الملتقى بحضور بارز لشخصيات عربية ودولية من أصحاب معالي وسعادة وأكاديميين ومؤثرين في هذا المجال
وفي كلمة لوكيل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية للعلاقات الخارجية سعادة الأستاذ خالد الحرفش في افتتاح أعمال الملتقى العلمي «الثقافة والفنون ودورهما في مكافحة الجريمة والتطرف».. يأتي تنظيم الملتقى في إطار إدراك الجامعة لكون الفن أحد أهم المسارات الداعمة لجهود مكافحة الجريمة والإرهاب، ودعم التعايش السلمي بين الأفراد والشعوب وعلاجًا ناجحًا في مواجهة التطرف، شريطة سموه فوق موجات الضحالة التي تفرغه من قيمته الجمالية، كما أن الطابع العالمي للفن هو دعوة ضمنية للتسامح والتقارب الحضاريين.
وأوضح معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب د. محمد بن علي كومان في افتتاح أعمال الملتقى العلمي «الثقافة والفنون ودورهما في مكافحة الجريمة والتطرف».. نسعى إلى تعزيز دور الثقافة والفنون في الوقاية من الجريمة والتوعية بمخاطر التطرف، وندعو الدول الأعضاء للتعاون مع المؤسسات الفنية لاستثمار الأعمال الدرامية لتمرير رسائل توعوية ضد الدعاية المتطرفة.
وفي كلمة لمعالي الدكتور سالم المالك مدير عام منظمة الإيسيسكو قال فيها: إن غيث الثقافة ومنبع الفن لا محيص عن العودة إليهما في كل ما يتصل بالإنسان من شأنه مهما حاول عنفوان السياسات تخطيهما؛ ذلك أن الثقافة والفن هما الأقرب صلة لمشاعر البشر وأحاسيسه؛ بل هما مهد تلك الأحاسيس قبل أن تستيقظ أجفانها على مدركات الحياة.
وشاركت سعادة الدكتورة/ منال بنت عبد الكريم الرويشد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» بورقة عمل علمية بعنوان: «دور الفن التشكيلي كقوة ناعمة في الحد من الجريمة والتطرف» في الملتقى العلمي «الثقافة والفنون ودورهما في مكافحة الجريمة والتطرف» في الجلسة السابعة: أثر بعض الممارسات الثقافية والفنية في مكافحة التطرف والجريمة. بتنظيم جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وبالشراكة مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة خلال الفترة من 17-19/ 7/ 2023م في الرباط عاصمة المملكة المغربية مقر منظمة «الإيسيسكو».
وقدمت لورقتها «اتسع مفهوم الثقافة والفنون عبر التاريخ الإنساني على مر العصور والحضارات, وتطورت ونمت في المجتمعات حتى أصبحت تعرف بأنها محصلة القوانين والأعراف والعادات والتقاليد والموروث، وتنتقل من جيل إلى جيل من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع. ويعد الفن شكلًا من أشكال التعبير الإنساني ولغة التخاطب بين الشعوب ووسيلة لنقل الحضارات والثقافات, كما يعد الفن من الأنشطة البصرية والسمعية والأدائية للتعبير عن الأفكار والرؤى الإبداعية, وهو وسيلة التواصل بعواطف ومشاعر جياشة وطلاقة في التعبير, وأسلوب حياة لتقدير الجمال، فالفن جزء مهم في الحياة اليومية بأنواعه الرسم والنحت والعمارة وكذلك الأدب والشعر والمسرح والموسيقى والسينما والأداء, وجميعها لها تأثير على المجتمع والعكس صحيح المجتمع يؤثر أيضاً على الفن, ويرتبط بالفنان والبيئة لتكون جزءًا منه ومن تعبيره. فالإنسان وليد عصره ومجتمعه والمفاهيم التي ينمو معها ويجسد تجربته ويعمق ثقافته الفنية ويعزز دوره في المجتمعات الحضارية بفكر فني وذائقة جمالية وبذلك فالفنان له تأثير على الفن الذي يسمو بالمشاعر الإنسانية ويرتقي بأحاسيس الإنسان.
ويعد الفن التشكيلي شكلًا من أشكال الثقافة وأسلوب للحياة اليومية والمجتمع يترجم الواقع، ويرتبط بالحياة اليومية المادية والروحية مع تغير في شكله وأسلوبه لدى مختلف الشعوب في كافة أنحاء المعمورة, وتسعى مختلف الدول إلى تمكين شعوبها من العلم والثقافة والفكر والنمو الحضاري والاهتمام بالوفاق العالمي والتقارب بين الشعوب وتشجيع المثقفين والمفكرين والسياسيين لنشر خطابات مختلفة عن السلام والأمان ودور التنوع الثقافي على المجتمعات.
وقد انتشرت الجريمة والتطرف في عدد من المجتمعات واتخذت الدول القوة الصلبة لمكافحتها والحد منها على مر السنين, وفي الآونة الأخيرة ظهرت «القوة الناعمة» كأسلوب حياة لتساهم في مكافحة والحد من الجريمة والتطرف.
من هذا المنطلق تتمحور بعض الأسئلة عن دور الفن التشكيلي كقوة ناعمة للحد من الجريمة والتطرف كأسلوب حياة، ونجد أن هناك أهمية للإجابة على الأسئلة التالية:
ما هي الجريمة وما هو التطرف وماهي الثقافة وما هو الفن والفن التشكيلي والقوة الناعمة؟
ما أهمية الفن التشكيلي في تحسين أسلوب الحياة الإنسانية؟
ما دور الفن التشكيلي كقوة ناعمة في الحد من الجريمة والتطرف؟
وتناولت الجريمة والتطرف على أنهما فعل مخالف للقانون يتعمد فيه المجرم الإيذاء ويقرر على مرتكبها عقوبة لتأديبه وردعه للإخلال بأمن المجتمع, فالجريمة تترك آثارًا سلبية في المجتمعات البشرية، وهي عقبة أمام تطورها ونموها وتقدمها وازدهارها. وتترتب على الجريمة آثار عاطفية ونفسية، وعواقب جسدية واجتماعية ومادية وغيرها.
وتحدثت عن الثقافة والفنون كقوة ناعمة حيث تعد الثقافة والفنون لغة الماضي والحاضر والمستقبل ترعاها الدول وتخصص لها المقرات والمشاريع والميزانيات, فالثقافة والفنون في المملكة والخليج والعالم العربي تشكلان عصب الحياة في الإبداع والجمال والإحساس وقبل الحديث عنهما سوف نتطرق إلى ماهية القوة الناعمة؟
ففي الوقت الذي اتبعت فيه الدول القوة الصلبة للحد من الجريمة ومكافحتها والحد من التطرف ومواجهته بكل صلابة تأتي القوة الناعمة لتكون أسلوب حياة. وعرفت القوة الناعمة Soft power في ويكبيديا القوة الناعمة مفهوم صاغه (جوزيف ناي) من جامعة «هارفارد» لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع. وعرفها (د. سعود الكاتب: 2020م) أنها «القدرة على تحقيق أهداف السياسة الخارجية بالجاذبية ودون استخدام الإكراه أو الإغراء المادي».
فهذا المصطلح يستخدم للتأثير على الرأي العام والاجتماعي والعمل على تغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبياً. وتعني القوة الناعمة أن يكون للدول قوة معنوية وروحية من خلال الأفكار والمبادئ والأخلاق والدعم في مجالات الثقافة والفنون والحقوق مما يعمل على احترام هذا الدور واتباع مصادره. وأهم مصادرها كما ذكرها د. سعود الكاتب: (2020م):
ثقافة البلد الجذابة للآخرين.
قيم البلد السياسية عندما تلتزم بها في الداخل والخارج.
سياسة البلد الخارجية عندما يراها الآخرون مشروعة وأخلاقية.
التعليم.
إنجازات البلد العلمية والرياضية والإنسانية.
والثقافة والفنون من مصادر القوة الناعمة ولهما قدرة عالية في جذب المجتمع للتعايش والتقارب. وتعمل على إعلاء قيم الإخاء الإنساني والتسامح والخير والعطاء والتعايش والحب والجمال، وهي ساحة للحوار لتساهم في الحد من الجريمة والتطرف. وتعمل على التبادل الثقافي والمعرفي والفني لإنقاذ البشرية من التطرف والعنف والكراهية بالحوار الثقافي والفني الذي يعد السلاح الأكثر فعالية في السياق الحضاري لجذب الناس وربطهم بالموروث وتاريخ وحضارات الشعوب.
وتحدثت عن نمو الثقافة والفنون في المملكة العربية السعودية
تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا للثقافة والفنون في خططها الإستراتيجية ومشاريعها ومبادراتها وميزانياتها الضخمة انطلاقًا من اهتمام القيادة الرشيدة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه - وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمين.
الثقافة والفنون هما المكون الوطني في الأمس والحاضر والمستقبل. الاهتمام بمجالات متعددة تعنى بالقوة الناعمة للمملكة.
يعنى بالثقافة والفنون بشكل عام وثقافة وفنون وتراث وأدب الجزيرة العربية بشكل خاص,
أصدرت القرارات الحكيمة فأنشئت وزارة مستقلة للثقافة كما أطلقت عددًا من الهيئات بها ومنها هيئة الفنون البصرية وهيئة التراث.
إطلاق رؤية المملكة (2030) وهي تحظى بعناية سمو ولي العهد الفائقة واهتمامه المباشر.
إطلاق المشاريع الكبرى لـ»الرياض آرت».
الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بفروعها.
الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» بفروعها.
انطلاق مؤسسة الأمير محمد بن سلمان «مسك» المؤسسة المتطورة بالمبادرات الشبابية الواعدة، ودعمها للإبداع والمبدعين بمختلف أطياف المجتمع ومستويات المهارات والقدرات والمجالات المتنوعة في الفنون والمملكة أولت اهتمامًا كبيرًا بها وبرز الاهتمام ودعم ريادة الإعمال للفنون والشباب.
جميعها قطاعات محفزة لتنمية الإبداع والتغيير في المجتمع وتمكن المملكة من القوة الناعمة وهي المكون الوطني في الأمس والحاضر والمستقبل. الاهتمام بمجالات متعددة تعنى بالقوة الناعمة للمملكة.
وتعمل الثقافة والفنون والآداب والفلكلور الشعبي على التفاهم والتكيّف مع مختلف الحضارات وإذابة نعرات التمييز على أساس الدين أو العرق أو اللغة. فالبناء للفنون التشكيلية من مقومات مختلف الحضارات البشرية وهو المرآة الحقيقية لواقع وآمال وطموحات مختلف المجتمعات كعلاج ناجع للجريمة وللتطرف والتشدد والغلو والكراهية. ويسعى عدد من الفنانين التشكيليين إلى التعبير بالأصالة والمعاصرة باستخدام الخامات والأدوات لإنتاج العديد من الأعمال الفنية في معارض فردية وجماعية لمكافحة الجريمة ونبذ التطرف.
وهذه الورقة تؤكد دور الفن التشكيلي كقوة ناعمة ونبذ العنف والتطرف ونشر التسامح والاعتدال على اعتبار أن الفن وسيلة لإثراء التجربة الإنسانية وتقدير قيمة الأشياء وتسجيل التاريخ وإطلاق القدرات الإبداعية وحل المشكلات التي تواجه الإنسان مع الحرص على دراسة المفاهيم البصرية التي تسهم في النمو العقلي ونمو المعرفة والمفاهيم.
كما تحدثت عن الفنون التشكيلية القوة الناعمة للحد من الجريمة والتطرف قائلة إن المتابع للحركة التشكيلية في المملكة وفي دول الخليج والعالم العربي يجد تصاعدًا ونموًّا سريعًا لثقافة التشكيل في السنوات الأخيرة.
يعرف الفن التشكيلي بأنه: الفنون المنتجة للأعمال أو المؤثرات ثلاثية الأبعاد مثل النحت أو الخزف، ويُنظر إلى الأعمال الفنية المنتجة مثل النحت، والعمارة، والرسم، والفنون التصويرية.
وذكرت أن للفن التشكيلي العديد من الأدوار في الحياة والمجتمع فهو يعمل على:
تهذيب الذوق العام وصقله وتحسين الذائقة البصرية والتأثير بمضامين فكرية ثقافية مؤثرة إيجابيًّا على الفرد والمجتمع للوقاية من الجريمة والتطرف.
التنفيس وتطهير النفس من المشاعر والأحاسيس السلبية بتعزيز مجموعة من القيم الإيجابية لدى الإنسان كالتسامح والتعاون والعطاء.
وسيلة لتشخيص حالة الإنسان والأمراض النفسية وكل ما يؤدي إلى اهتزاز فهم الشخص لذاته والعالم من حوله وتشكيل أحاسيس العجز لديه. فالفن يعالج عددًا من الحالات النفسية والحزن والألم ويخفف التوتر والإجهاد, ويمنح الفرح والسرور والشعور بالفخر والإنجاز بإطلاق المشاعر والتعبير بالأدوات والخامات مما يحدث نوعًا من أنواع التوزان النفسي والتفريغ الذي ينتهي بتكيف الإنسان في واقع حياته والتغلب على الضغوطات والتحديات التي يمر بها ويحسن الحالة المزاجية بما يساهم في رفع تقدير الذات والتعايش مع الناس.
تحسين جودة الحياة وجعل الفنون أسلوب حياة داخل المنزل وخارجه وحل المشكلات التي تواجه الإنسان من خلال القطاعات المعنية بدور الفن التشكيلي في الحياة.
الشعور بالجمال يمنح المتأمل مشاعر إيجابية وتفاعلًا مع الإبداع.
تعديل السلوك وحل إشكاليات صعوبات التعلم بواسطة الفن التشكيلي وتحسين التفكير وربط الخيال الخصب بواقع المجتمع وتقوية الحياة الواقعية وتوثيق الجمال بها.
نقل التراث والثقافة والفكر من جيل إلى جيل والحفاظ عليها كهوية وطنية لتعميق القيم في تعبيرات الإنسان وتطوير العادات واكتساب الثقة والرضا عن كل ما يبدعه.
تمكّن من ريادة الأعمال والاقتصاد الإبداعي والاستثمار في المواهب وخلق فرص عمل جديدة تمكن من الدخول لسوق العمل بزيادة القوى العاملة وتأثيره على زيادة الناتج المحلي وتنمية اقتصاد الدولة ودعم الترفيه والسياحة.
الأهمية الثقافية والإنسانية للفن بتعزيز الأعمال الخيرية وبذل الجهد من أجل الفئات الخاصة من مرضى ومعاقين وغيرهم.
فأدوار الفن عديدة منها جمالية، وثقافية، وتعليمية، وترفيهية، وعلاجية. واقتفاء أثر الفن التشكيلي يجعلنا نقف عند مراحل تاريخ الفن والمذاهب الفلسفية والكلاسيكية والرومانسية ومذاهب الفن الحديث واتجاهات الفنون وتحقيق الغايات من الفن في الحياة. وقياس نتائج خطط التنمية وأثرها على الإنسان والمجتمع. وقد برزت حركات فنية عديدة.
وتناولت الفن التشكيلي السعودي وأن الفن التشكيلي بدأ من خلال التعليم في المملكة وتعد الفنون التشكيلية حديثة عهد مقارنة بالدول الأوروبية أو بعض الدول العربية فالبداية مع قرار وزارة المعارف عام 1377هـ/ 1957م بإضافة مادة التربية الفنية في مناهج التعليم العام للبنين وبعد عامين لتعليم البنات.
وتحدثت عن الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» بإقرار إنشاء الجمعية السعودية للفنون التشكيلية 2007م وهي التأسيس لمشروع ثقافي معاصر ناقش الفنانون لائحة الجمعية والتصويت على ما ورد في موادها مع إدخال الانتخابات في ترشيح أعضاء مجلس إدارتها. وقد تحققت أولى الطموحات بإقرار إنشاء الجمعية والتي أصبح لها الآن (20) فرعًا في مختلف مناطق ومحافظات المملكة.
- الفنان التشكيلي الأستاذ/ عبد الرحمن محمد السليمان حاز على (54) صوتًا.
- الفنانة التشكيلية الأستاذة/ اعتدال العطيوي حازت على (52) صوتًا يشاركها الفنان الأستاذ/ محمد المنيف (52) صوتاً.
- الفنانة الأستاذة/ تغريد البقشي حصلت على (40) صوتاً تشاركها الفنانة الدكتورة/ منال الرويشد (40) صوتاً.
- الفنان التشكيلي الأستاذ/ ناصر الموسى (32) صوتاً يشاركه الفنان الأستاذ/ صالح النقيدان (32) صوتاً.
- الفنان التشكيلي الأستاذ/ أحمد حسين الغامدي (31) صوتًا.
- الفنان التشكيلي الدكتور/ صالح محمد خطاب (30) صوتاً يشاركه الفنان التشكيلي المهندس/ صديق محمد واصل (30) صوتاً.
كيف يتم الحد من الجريمة والتطرف باستخدام الفن التشكيلي كقوة ناعمة؟
تعد الثقافة والفنون من مصادر القوة الناعمة التي تعمل على إعلاء قيم الإخاء الإنساني والتسامح والخير والعطاء والتعايش والحب والجمال، وهي ساحة للحوار لتساهم في الحد من الجريمة والتطرف. ويعمل التبادل الثقافي والمعرفي والفني على إنقاذ البشرية من التطرف والعنف والكراهية بالحوار الثقافي الذي يعد السلاح الأكثر فعالية في السياق الحضاري، وذلك لأهميته في تحسين أسلوب الحياة وتقدير الجمال وتبرز جهود المثقفين في التصدي للأفكار والأفعال المنحرفة والتي تهدد المجتمعات بهدف تعزيز الأمن الفكري وتحقيق استقرار المجتمع وحماية أفراده من الجريمة والتطرف والأفكار الهدامة والإرهاب والمخدرات، وحماية المجتمع من الجنوح نحو الجريمة أو التطرف، وبث روح التسامح والتكيف مع مختلف المذاهب والأديان والثقافات الأخرى.
ويؤثر الفن التشكيلي على الحد من الجريمة والتطرف ويتأثر بهما لكون الثقافة والفنون كقوة ناعمة تعمل على التقارب بين الشعوب للحد من الجريمة والتطرف بممارسة الفن التشكيلي بكافة مجالاته في الحياة اليومية من خلال مسارين:
الأول: الوقاية: هذه الورقة تقدم طرق اتخاذ الوقاية من المتاهات والانحرافات التي تنتهي إلى الجريمة والتطرف.
إعداد إستراتيجية وطنية وخليجية وعربية للفنون التشكيلية في الجوانب التطبيقية والنظرية يراعى فيها توعية وتثقيف الأسر والشباب والأطفال بحيث يتم تنظيم المعارض الفردية والجماعية وإعداد الندوات والمحاضرات والدراسات البحثية والورش التفاعلية الفردية والجماعية واستقطاب فنانين من الخارج للاستفادة من مهاراتهم بالتنوع الثقافي في مجالات الفنون لنشر رسالة التوعية والحفاظ على القيم والمبادئ.
تصميم المبادرات والبرامج والمشاريع الضخمة التي تعمل على بث ونشر الجمال وتغيير التشوه البصري في الشوارع والأماكن العامة والقطاعات الحكومية والخاصة لتكون أسلوب حياة يتعايش معها الناس بجودة فتساهم في التفكير الإبداعي والتأمل العميق للجمال وتعطي بعدًا ثقافيًّا وفكريًّا في الأسواق والمطارات والمستشفيات والفنادق والقطاعات الحكومية والخاصة والدوارات وداخل المدن في الطرق السريعة والأنفاق لحفظ الأسر والشباب من الانحراف نحو الهاوية.
العناية بالإبداع وبالمبدعين بجعل الفنون التشكيلية أسلوب حياة، والاهتمام بالمشهد الإبداعي والرسائل البصرية التي تصل للناس عامة والتركيز على المبدعين في مختلف الأجيال التشكيلية وفئة الشباب وذوي الإعاقة لتكون هذه الرسائل مثل المرشد أو الموجه بدون عبارات أو كلام للحب والسلام والتسامح والتعايش واحترام النظام والحفاظ على الممتلكات العامة. وإشراكهم أفرادًا من المجتمع في فعاليات رسم في الأماكن العامة مثل الرسم في الأنفاق والجدران التي عليها تشويه بصري.
إنشاء محاضن للإبداع ومراكز التدريب الأكاديمي لكل أفراد المجتمع ويتم دعم المواهب من الأطفال والمراهقين وتنمية مهاراتهم وقدراتهم بشغل وقتهم بالمفيد من خلال الفن التشكيلي.
التوعية من خلال الإعلام والتواصل الاجتماعي عن دور الفن التشكيلي في الحياة والمجتمع وإعداد برامج مكثفة عن المبدعين ونتائج إبداعاتهم من الرواد وأجيال الحركة التشكيلية والمميزين كقصص قدوة عن تميزهم وتألقهم ورحلة الكفاح انطلاقًا من نظرية التأثير على المدى الطويل (النظرية التراكمية) « وتؤكد على أن تأثير ما تعرضه وسائل الإعلام المتنوعة، والصحافة، النسائية في دراستنا هذه خاصة، يحتاج إلى فترة طويلة حتى تظهر آثاره على الأفراد من خلال تراكمات إعلامية عديدة تؤيدها معتقدات ومواقف وسلوكيات مختلفة « (الشميسي:2003م).
الاستثمار في الفن التشكيلي مما يحقق توازنًا اجتماعيًّا ونفسيًّا واقتصاديًّا يزيد من قيمة الفرد المجتمعيّة بإعداد الاستراتيجيات بأسلوب علمي ومنهجي يدعم الجوانب المعرفيّة والعاطفيّة والإنسانيّة يرتقي بالدور الذي تؤديه الثقافة والفنون في بناء شخصيّات أفراد المجتمع وتنمية قدراتهم ومهاراتهم بتحفيز الخيال والإبداع وإطلاق العملاق الذي بداخلهم للتفاعل مع الحياة والمحيطين بهم.
تقوية نشاط المجتمع والروابط الاجتماعية وصقل المهارات التي تساعد على نمو العلاقات وزيادة الحيوية والمساهمة في توجيه الطموحات، ودفعها نحو تنمية المجتمع من خلال الأعمال الفنية الجماعية في الأماكن العامة والتشارك في التعبير مع الفنانين التشكيليين كمشاركة مجتمعية.
المساهمة في تحقيق الراحة النفسية، والجسدية، والرفاهية الاجتماعية، والمادية.
تعزيز الحوار بين المجتمعات المختلفة. الحدّ من التمييز العنصريّ من خلال ممارسة أنواع الفنون المختلفة.
رفع الوعي لدى الأفراد، ومساعدتهم على إيجاد معانٍ للأشياء من حولهم.
تحسين الصحة العقلية: يساهم الفن في تحسين الصحة العقلية، وتحقيق الراحة من خلال: تعزيز احترام الذات لدى الأفراد. زيادة القدرة على تكوين صداقات جديدة. المشاركة في النشاطات الفنية، والثقافية المتعدّدة. زيادة قدرة الأفراد على اتّخاذ القرارات.
تعزيز المشاركة المدنيّة، والسياسيّة:
تساهم المشاركة في الفن في ذلك من خلال: زيادة رغبة، وقدرة الأفراد على المشاركة في الأعمال التطوّعية. زيادة المشاركة في الانتخابات، والقضايا العامة. زيادة مهارات التواصل بين الأفراد. زيادة متعة التعلّم، وتحسين التحصيل العلميّ للطلاب: يساهم إشراك الفن في المناهج، والعملية التعليمية في تحسين المستوى التعليميّ للطّلاب، وذلك من خلال: زيادة ثقة الطلاب بأنفسهم. اكتساب اللغات بشكل أسرع. زيادة نسبة الإلمام بالقراءة، والكتابة. رفع نتائج الطلاب في المواد المختلفة، كالرياضيات، وغيرها. تحفيزهم على الإنجاز. تحفيزهم على التعاون، والعمل بروح الفريق. تطوير قدرتهم على التعبير عن أنفسهم. تنمية مهارات التفكير الناقد لديهم. التقليل من مشكلة التغيّب عن المدارس.
من كل هذا فإن أهمية الفن ترتبط بتنمية وإطلاق القدرات الإبداعية، ومن الأدوار المهمة التي يساهم بها الفن وأعدت الدراسات البحثية والمبادرات التي تعمق المفاهيم البصرية التي تسهم في النمو العقلي ونمو المعرفة والمفاهيم. وللحد من الجريمة والتطرف يتم تحسين الأساليب المُستخدَمة لرفع الإنتاجيّة، وبناء العلاقات الإنسانيّة، وتقديرها. وتنمية الانتماء، والولاء للوطن وللمُنظَّمة التي يعملون بها، واستثمار الفُرَص. والاهتمام بالتحسين المستمرّ للمستويات. والاهتمام بالمواءمة بين التعليم والثقافة لتعزيز مستقبل الشعوب وتطوير القدرات والمعرفة الثقافية لتحقيق شعور بالفخر والاندماج مع تأثير وطني قوي على الفئات العمرية وتعزيز ورفع الوعي وخلق مستقبل أكثر إشراقًا للمملكة العربية السعودية تحقيقا لرؤية 2030.
فالفن التشكيلي له دور كبير في تحسين جودة الحياة حيث يسعى الفن إلى بناء الهوية المحلية.
ثانيًا: العلاج:
نصت المادة (17) من نظام السجن والتوقيف في المملكة العربية السعودية على أن تضع وزارة الداخلية مع الجهات المختصة المسؤولة عن التعليم والتوعية مناهج التعليم والتثقيف داخل السجون ودور التوقيف، وأن تنشئ في كل سجن ودار توقيف مكتبة تحوي كتبًا دينية وعلمية وأخلاقية ليستفيد منها السجناء والموقوفون في أوقات فراغهم وأن يسمح للسجناء والموقوفين باستحضار كتب أو صحف أو مجلات على نفقتهم الخاصة وذلك وفقًا لما تقرره اللائحة التنفيذية.
وقد اجتهدت القطاعات الأمنية بدور خدمي في تدريب وتمكين المسجونين لجرائم وقضايا تطرف من خلال.
تصميم البرامج في الفنون التشكيلية لنزلاء السجون في قضايا جرائم وتطرف، وتقدم لهم الرعاية والتدريب والتمكين والتمهير لتفريغ طاقاتهم من خلال الفنون التشكيلية و ممارسة مجالات الفنون مما يساهم في إحداث الأثر الإيجابي والفعال على سلوكهم وتصرفاتهم داخل السجن وبعد الخروج منه, ولا يتم قصرها على برامج وقتية ولا فعاليات للمناسبات والأيام والأسابيع الدولية فقط وإنما ينفذ عمل إستراتيجي يساهم في تعديل السلوك وإكساب المهارات والقدرات لتشكيل شخصية سوية تتعايش مع الحياة بعد الخروج من السجن.
تمكينهم من ريادة عمل بالفن التشكيلي بالتعرف على طرق دراسة الجدوى وكيفية اختيار الأعمال التي تدعمهم للتعايش والدخول لسوق العمل والاستثمار في المهارات التي يكتسبونها من تعليم الفنون وهم في السجن وبعد خروجهم وتواجدهم بين أسرهم، وهذا بدوره يقود إلى التأكيد على التراث المحلي والخليجي والعربي، والاستفادة من الاتجاهات العالمية في التعبير الفني والإبداع بإبراز ثقافة مجتمعه لأن الفن مرآة صادقة لأحوال المجتمعات والأحداث التي يعيشون فيها وكذلك شكل الحياة والثقافة السائدة كما أن الفن وسيلة حقيقية لتسجيل التاريخ ورصد نموه عبر الحقب الزمنية.
العلاج السلوكي من خلال الفن التشكيلي لمرتكبي الجرائم والمتطرفين ونزلاء السجون كمتنفس لهم بتعزيز الهوية والقيم الوطنية والحضارة الإسلامية وإحياء التراث حتى يتمكنوا من ممارسة الفنون لاكتساب مهارات وريادة عمل يمكنهم من الدخول لسوق العمل والعيش بكرامة بعد الخروج من السجن ويكون الفن التشكيلي مصدر رزق له.
إشراكهم في فعاليات داخل السجون لرسم الجدران والأبواب وتغيير المشهد الحضري داخل السجون ورسم جداريات متحركة لعرضها في أماكن متنوعة للجهات المعنية في مختلف القطاعات في المملكة.
الاهتمام بالصناعات اليدوية والمنتجات الحرفية وإيجاد متاجر إلكترونية للبيع وتسويق إنتاجهم من داخل السجون.
وذكرت عددًا من التوصيات:
ننادي بتأكيد أهمية دور الفن التشكيلي كقوة ناعمة للحد من الجريمة والتطرف وتأثيرها على الحياة الإنسانية من خلال:
دعم دور التعليم العام والجامعي بإتاحة فرص أكبر ومشاريع وبرامج ومبادرات تساهم في جعل الفن التشكيلي أسلوب حياة مستدامًا في الحياة اليومية ونمو المجتمع.
أدعو القطاعات الأمنية إلى تعزيز دور المشاريع الكبرى وريادة العمل في الفن التشكيلي كقوة ناعمة بالتعاون مع جهود وزارة الثقافة والجهات التابعة لها من الجمعيات والأندية للتدريب والتمكين وتنظيم المعارض الفردية والجماعية ودورها في رعاية ودعم البرامج والمشاريع التي تساهم في جودة الحياة للوصول إلى أكبر شريحة.
ندعو الإعلام إلى الاهتمام بثقافة التشكيل وإبراز الإنجازات النوعية فيه للتعايش في المجتمع والشعور بالجمال وأهمية التأمل على الروح والعقل والجسد. وإبراز الإبداع والمبدعين كقصص نجاح وإنجازات تضاف لتاريخ الدول وتكون قدوة.
إنشاء عمل مؤسسي واستراتيجيات قوية وواضحة مما يمكن الدول من الجاذبية والتفاعل مع الناس والقرب منهم وتعزيز دور الثقافة والفنون في الحياة اليومية مما يغير من دوافع الجريمة والتطرف ويحد منها وينشغل الناس بالجمال والسعادة والتعايش بمحبة وعطاء.