مها محمد الشريف
تحت ضغط الحرب وتعقيداتها تتلاشى فرص السلام إذا كانت كل التحركات السياسية لا تحقق أي مقاربة بوجهات النظر حول إمكانية إيجاد حل لهذه الأزمة الخطيرة، والتي أدت لضرر على الاقتصاد العالمي والتداعيات وصلت لحد احتمال حدوث مجاعة بالدول الفقيرة التي لا يمكن أن توفر غذاءً أساسيًا كالقمح بالأسعار التي ففزت عالمياً.
في الواقع، يبدو أنه في الظروف الحالية تتصدر أزمة بدائل اتفاق الحبوب وغضب روسي والتفاف أوكراني بعد إعلان انتهاء اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي كان مرتقبًا، ولكن الخيارات البديلة اليوم محل اهتمام دولي، لأن التطورات تنذر بأزمة غذاء عالمية.
واتفاقية تجارة الحبوب هي معاهدة دولية تابعة للأمم المتحدة أجريت في يوليو عام 1995 بين 33 دولة وانضمت إليها دولتان لا حقًا، الاتفاقية هي الوحيدة التي تغطي آليات تجارة الحبوب.
علماً أن اتفاقية تجارة الحبوب تنص على تبادل المعلومات والتحليل والمشاورات حول سوق الحبوب وتطورات السياسات. بموجب الاتفاقية تتعهد الدول المانحة بتقديم كميات محددة سنويًا من المساعدات الغذائية إلى البلدان النامية في شكل حبوب مناسبة للاستهلاك البشري، أو نقدًا لشراء ما يغطي احتياجاتها.
ولكن الحرب الروسية الأوكرانية قلبت الموازين والاتفاقيات، بل قلبت العالم رأساً على عقب، وقد حذرت موسكو من مخاطر استمرار تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود من دون الاتفاق معها متهمة كييف باستخدام هذا الممر «لأغراض عسكرية». جاء ذلك بعد دعوة كييف لتركيا والأمم المتحدة باستمرار الاتفاق من دون موسكو عبر ممرات بديلة.
فما هي شروط روسيا لتمديد «صفقة الحبوب»؟
بعدما علقت روسيا مشاركتها في اتفاقية الحبوب التي تسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، لكنها تركت الباب مفتوحًا للعودة من جديد في حال تحقيق شروطها، روسيا وأوكرانيا توفران ثلث احتياجات العالم من الحبوب وهو ما يفسر الارتفاع الجنوني لأسعار القمح والذرة مع اندلاع الأزمة الأوكرانية.
إن التناقض هنا ظاهر، ففي كل مرة نسلط الضوء على الحرب الروسية الأوكرانية وموقف الغرب منها نجد أن عديداً من السياسيين الغربين الواقعيين، والذين يتحمسون لإنهاء الحرب، ينادون بضرورة إبقاء الخطوط مفتوحة مع روسيا، وبما يمكن من خلالها تحقيق اختراقات على مسار أي مفاوضات قادمة لإنهاء الحرب، وتقليص فرص تصعيد المواجهة.
ويبدو هنا أن التناقض حقق بُعداً جديداً يزيد المسألة تعقيداً، بعدما أعلنت الولايات المتحدة أنها ملتزمة بتلبية الطلب الأوكراني لإرسال القنابل العنقودية المثيرة للجدل. بينما رفض أهم الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة تأييد قرارها، ولم نستبعد فالمحاولات التي تهتم بشرح السياسة كخبرة لقادة الناتو في هذا الجانب، إذ قالت ألمانيا وفرنسا إنهما لن تحذوا حذو واشنطن، مشيرتين إلى معاهدة «أوسلو» التي وقعتا عليها والمعروفة باسم «اتفاقية الذخائر العنقودية»، كما أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أوضح أن المملكة المتحدة كانت واحدة من 123 دولة وقعت على هذه الاتفاقية، وأنها لا تشجع على استخدام الذخائر التي لها سجل في قتل المدنيين.
أي أنها ستنطوي على أخطاء ومغالطات تاريخية، وغريبة عن الواقع، وهذا يجعلنا نقول إن هناك أصلاً للأشياء بجميع مجالاتها، فمهما يكن من أمر، هذه الخطوة نالت انتقادات شديدة من جانب جماعات حقوق الإنسان لأن هذا النوع من الأسلحة التي أرسلتها واشنطن محظور من قبل أكثر من مئة دولة.