فضل بن سعد البوعينين
تسعى المملكة في جميع تحركاتها الدبلوماسية لتحقيق تنمية واستقرار المنطقة، وفتح الأسواق أمام التدفقات الاستثمارية المعززة لتنمية الدول الشقيقة والصديقة، وتشكيل تحالفات إقليمية ودولية وشراكات نوعية في جميع المجالات السياسية، الأمنية، والاقتصادية. نجحت المملكة في رسم خارطة طريق لمستقبلها التنموي من خلال رؤية السعودية 2030، ثم توسعت في إشراك دول الخليج ضمن رؤيتها السياسية والتنموية والأمنية، وتفعيل دور مجلس التعاون الخليجي والمساهمة في بناء تحالفاته الإقليمية والدولية، وشراكاته التنموية والاقتصادية المحققة للمصالح المشتركة.
وتأتي القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى التي انعقدت في جدة الأسبوع الماضي، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتؤكد سعي المملكة الدائم في تعزيز أمن واستقرار وتنمية المنطقة من خلال التحالفات الدولية، وتحقيق التكامل الأمثل بين الدول الصديقة، واستثمار المقومات المتاحة لها وبما ينعكس إيجابا على شعوب المنطقة، وأمنها واستقرارها، خاصة مع وجود التحديات الدولية التي باتت تهدد الأمن والاستقرار وتقوض التنمية ومشروعاتها الكبرى.
نجحت القمة في رسم آفاق العمل المشترك بين دول القمة، وأسهمت في تعزيز الشراكات المستقبلية وفق رؤية محققة للمصالح المشتركة، تعتمد في مدخلاتها على المقومات المتاحة، والمصالح المشتركة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات العالمية، والتحولات المؤثرة في المجتمع الدولي، وتمكنت المملكة من طرح مبادراتها ورؤيتها الاستراتيجية المحققة للتنمية والاستقرار وتعزيز الشراكات الاقتصادية، وفتح آفاق التعاون المشترك.
سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكد في كلمته على أهمية استثمار الإرث التاريخي ومقومات الموارد البشرية والنمو الاقتصادي؛ الذي أسهم في أن يبلغ الناتج المحلي لدول الخليج، وآسيا الوسطى نحو 2.3 تريليون دولار؛ لتأسيس انطلاقة واعدة، وفتح آفاق جديدة للاستفادة من الفرص المتاحة، للتعاون المشترك في جميع المجالات.
وبالرغم من المقومات المهمة، والإمكانات المتاحة لدول الخليج وآسيا الوسطى، إلا أن التحديات المحيطة قد تؤثر في رؤيتها المستقبلية، ومشروعاتها التنموية، ما يستوجب تحقيق العمل المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما شدد عليه سمو ولي العهد حين قال إن «التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم تستلزم بذل جميع الجهود، لتعزيز التعاون بين دولنا لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا»، إضافة إلى تكثيف الجهود المشتركة، لمواجهة كل ما يؤثر في أمن الطاقة وسلاسل الإمدادات الغذائية العالمية. تهتم المملكة بتحقيق أمن الطاقة، واستقرار الأسواق، وتسهم في قيادة مجموعة أوبك +، والتي تضم في عضويتها اثنتين من جمهوريات آسيا الوسطى، وهما أذربيجان وكازاخستان، لتحقيق ذلك الهدف، وقد أثبتت السنوات الماضية، قدرتها تعزيز استقرار الأسواق، وحماية الاقتصاد العالمي من المتغيرات المؤثرة سلبا في نموه. تعزيز الاستثمارات السعودية في قطاع الطاقة عموما، والطاقة المتجددة على وجه الخصوص، مع دول آسيا الوسطى، وفي مقدمها أوزبكستان، وكازاخستان، وأذربيجان، تزيد من حجم التدفقات الاستثمارية، والشراكات الاقتصادية، وتسهم أيضا في تعزيز أمن الطاقة التي تعتبرها المملكة من أهم أولوياتها.
التركيز على سلاسل الإمداد، وتحقيق متطلبات الأمن الغذائي، من المحاور المهمة للقمة، حيث تتجاوز أهميتها دول الخليج وآسيا الوسطى، لتصل إلى العالم أجمع. فتجربة جائحة كورونا وضعت العالم أمام أزمة إمدادات عصفت بالدول جميعا، دون استثناء، ما يستوجب العمل المشترك وتحقيق التكامل لمواجهة الأزمات القادمة، وبما يحول دون مواجهة أزمة إمدادات مستقبلا. توقف إمدادات الحبوب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، من التحديات القائمة والمؤثرة في دول المنطقة. تنويع مصادر الإمدادات لدول الخليج، وتعزيز الاستثمارات في القطاع الزراعي يمكن أن يوفر إمدادات ذاتية في الدول الصديقة ووفق اتفاقيات دولية واجبة الوفاء.
من المهم الإشارة الى اهتمام سمو ولي العهد باستضافة المملكة لمعرض إكسبو 2030 في جميع المناسبات الرسمية، وهو اهتمام عزز طرح ملف دعم المملكة في المحافل الدولية، والقمم التي تستضيفها المملكة، كجانب مهم من الأهداف السعودية الرئيسة. تضمين بيان القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى دعم ترشيح السعودية لاستضافة إكسبو 2030 من المخرجات المهمة للقمة، خاصة مع قرب موعد التصويت على استضافة المعرض في نوفمبر القادم.
قمة جدة، والقمم السابقة التي احتضنتها المملكة وجهت لتحقيق التنمية والاستقرار، وتكريس العمل الجماعي لوضع إستراتيجيات محققة لأمن وتنمية المنطقة، ومواجهة التحديات، وتحقيق النمو واستثمار المقومات الاقتصادية من خلال عقد الشراكات الإقليمية والدولية وبما يعود بالنفع على المملكة ودول الخليج، وشركائهم الدوليين.