حسن اليمني
يجمع المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية وحدة متقاربة إلى حد الاندماج في الغايات والأهداف، فكلتا الدولتين تنتهجان سياسة تحرير الإرادة واستقلال القرار، وكلتا الدولتين تسعيان لبناء القوة الاقتصادية والصناعية والإنتاجية الوطنية، وهذا التكامل في الغايات والأهداف حين يتلاقى ويمتزج في مسار واحد متكامل يشكل قوة جبارة للمنطقة وللعالم الإسلامي والعربي يشكل سداً منيعاً أمام تطفل التدخلات الأجنبية.
يشهد المتابع والمراقب حراكاً نشطاً في حلحلة بعض الفجوات الطبيعية في العلاقات بين البلدين، وسعياً وثاباً نحو تحقيق قفزة جبارة في احتلال المكانة اللائقة بهما على المسرح الدولي بكافة أنشطته السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى الفكرية والفنية والإعلامية إضافة بالطبع للشؤون العسكرية والتصنيع العسكري، ويمتلك البلدان المقومات الأساسية للنهوض وتجاوز المسافات الزمنية بل وتجاوز خطوط التكافؤ مع القوى الصناعية الأخرى، واليوم وجدة تصبح أولى محطات الرئيس رجب طيب أردوغان بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية تصبح بمثابة أولى محطات الانطلاق الجديد والنوعي في علاقة البلدين لتوحيد مسارات وخطوات الإستراتيجية المتجهة نحو تحقيق الغايات والأهداف المشتركة.
تمتلك المملكة العربية السعودية القوة الاقتصادية والروحية والطموح الواثب نحو تحقيق الدولة الحقيقية في الإرادة والاستقلال من خلال التصنيع والإنتاج والاكتفاء الذاتي والممتد إلى التصدير، وتمتلك الجمهورية التركية الإصرار المخلص أيضاً نحو تحقيق الدولة الحقيقية في الإرادة والاستقلال من خلال التقدم التقني والتصنيعي المدني والعسكري وبناء الاقتصاد القوي، وكلتا الدولتين عضو نافذ في مجموعة العشرين والتي تضم أقوى الاقتصادات في العالم، كما أن كلتا الدولتين إسلاميتان وذاتا دور بارز ومهم في العالم الإسلامي.
إن ما يجمع الدولتين بشكل يجعل العلاقة المتينة بينهما انعطافة تاريخية تكمن في الرؤية المستقبلية المتطابقة تقريباً بما يسهل ويساعد في تجاوز أي عقبات طارئة وبما يعني أن المتانة في هذه العلاقة تجعلها مميزة وخاصة وذات أفق ممتد للمستقبل البعيد وبما يجعل التفاؤل في الوصول للغايات والأهداف المتجانسة منعطفاً تاريخياً منتظراً في المسار الآمن والمستقر باطمئنان وثقة.
كلتا الدولتين تتخذ الحياد بين الشرق والغرب وكلتاهما في اتجاه واحد في مواجهة «الإسلام فوبيا» والتجاوزات على المقدسات الإسلامية، وتمتلكان النظرة والرؤية الموحدة لعالم يسوده الأمن والسلام والاستقرار ويعملان بكل جهد وإخلاص لتحقيق ذلك، وبذات الوقت كلتا الدولتين تتعرض لهجمات إعلامية معادية ضد طموحات قادتها بشكل مبتذل لا يعبر إلا عن عجز وضعف، وكانت الفجوة الضيقة والقصيرة التي مرت بها علاقة البلدين بمثابة فرصة الفرص للنيل من كلتا الدولتين ودق إسفين التباعد والاختلاف بينهما بما جعل عودة تسخين هذه العلاقة وسرعة انطلاقها نحو التكامل بمثابة ضربة موجعة لأولئك المتربصين.
لا شك أن وجود بعض الاختلاف في الرأي والرؤية لبعض النقاط الساخنة موجود بين البلدين لكنه ضمن الطبيعي الإيجابي الباحث عن المصلحة الأعم سواء في ليبيا أو سوريا أو اليمن وكذلك في بحر إيجة والبحر المتوسط لكن نقاط الالتقاء أكثر بكثير من نقاط الاختلاف المؤقتة وسيكون للمباحثات وتبادل الرأي في هذه الزيارة تحجيم كبير لنقاط الاجتهاد بين البلدين مبنياً على رسم الانطلاقة الجديدة أو المتجددة بين البلدين وهو ما سيحقق خيبة أمل كبيرة لأولئك المغتاظين يدعم ذلك قوة الزعامة في البلدين وسعة مخيلتها وبعد نظرها واتحاد طموحاتها.