ودّعَت عفيف أحد أبرز رجالاتها؛ حيث وافى الأجل الشيخ صالح بن خليوي بن دغيشم الحربي، أبا عبدالله -طيب الذكر والسيرة- فهو لمن لا يعرفه ولد عام 1347 في البادية بالقرب من مركز خصيبة في منطقة القصيم، ونشأ عند والديه في البادية في تربية ورعي الماشية من الإبل والغنم، وفي عام 1360 أصاب البلاد مرض الجدري، مما سبب عليه بكف بصره وإصابته بثقل في لسانه، وأثر في وجهه، وقد توفي والداه -رحمهما الله- وله من العمر 13 سنة، وهو وحيدهما، ثم ذهب مع ابن عم له إلى مدينة الرياض لحالته ووضعه، ووجود كفالة للمكفوفين لدى الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، ثم دخل حلقة الشيخ المربي محمد بن سنان -رحمه الله- في مسجد بالجفرة في دخنة المشهورة في حي الديرة القديمة بمدينة الرياض، وقرأ عليه القرآن الكريم حفظاً إلى سورة العنكبوت وكان يصرف له عشرة ريالات عربي فضة كل شهر ومسكنه كان بحي المربع عند المطاوعة في كفالة ورعاية الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وهم يجاوزون الخمسين -رحم الله الميت وبارك في الحي- وبعد كل صلاة مغرب يقرؤون القرآن الكريم بحضرة الملك المؤسس، وحضر دروس سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- وقرأ على فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري -رحمه الله- وفضيلة الشيخ سليمان بن عتيق -رحمه الله-، وكان من زملائه الفضلاء الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان -رحمه الله- وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ -حفظه الله- المفتي العام للمملكة، والشيخ محمد بن نفجان التويجري الحربي، الداعية المعروف -سلمه الله-.
وفي عام 1388 دخل الفقيد الراحل معهد النور بمدينة الرياض ودرس فيه ست سنوات، وفي عام 1395 انتقل -رحمه الله- إلى محافظة عفيف ثم عين مؤذناً في مسجد الراجحي بالمحافظة وفي عام 1403 نقل إماماً لمسجده الحالي الواقع على الشارع العام جنوب غرب المحافظة وقد أمضى في الإمامة بهذا المسجد قرابة 37 عاماً.
وتزوج أبو عبدالله -رحمه الله- في عام 1398 بزوجته الأخيرة أم عبدالله وأحسن لها الختام وهي أم أولاده الكرام ولا تزال معه حتى وفاته -رحمه الله-، وكان محبوب المشاهدة يذكرك بالسلف الأول، محبوب المجالسة ولا يفتر لسانه عن الذكر والدعاء، جميل المنطق وحسن الجوار، زاهداً، ورعاً، عابداً، تقياً ومتواضعاً، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، صوّاماً قواماً ومذكراً وداعياً إلى التوحيد والخير والفضيلة.
وكان أبوعبدالله -عليه رحمة الله- يصلي الجمعة والتراويح والقيام في شهر رمضان في الجامع القديم بمحافظة عفيف وقد أصيب بمرض في آخر حياته أقعده الفراش عدة سنوات إلى أن وافاه الأجل المحتوم عن عمر 97 عاماً وذلك يوم السبت 20-12-1444 وصلي عليه بعد صلاة العصر في جامع الأمير سلطان -رحمه الله- ودفن بالمقبرة الثانية في عفيف، وصلى عليه جمع غفير من المسلمين، والكل يدعو له ويترحم عليه ويثني عليه خيراً وتأثرهم بفقده ووفاته -رحمه الله- وموتى المسلمين.
ذلكم هو والدي رحمه الله وغفر له وأدخله الفردوس وأعاننا على بر جديد له بعد موته، ونسأل الله أن يوفقنا لبر والدتي -رعاها الله- «وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً».
**
- عبدالله بن صالح الحربي