عثمان بن حمد أباالخيل
يقول ابن خلدون في مقدمته إن «الإنسان اجتماعي بطبعه»، ما يعني أنه فطرة على أن يعيش وسط الناس لا بعيداً عنهم، ويقيم بينه وبينهم علاقات اجتماعية وحوارات تدفع بحياته نحو مستقبل مختلف.
في حياتنا نقابل يومياً عشرات الأشخاص ما بين أصدقاء وزملاء وأقارب ومعارف وجيران، وتقتضي الفطرة السليمة مراعاة الآداب العامة في التعامل، وعلينا أن نتعلم فن التعامل مع الناس، أما الذين يعرفون التعامل فقد توصلوا لذلك منذ وقت. الناس مختلفون في طباعهم وميولهم وثقافتهم وعلمهم وأسلوب حديثهم ونفسياتهم وتصرفاتهم ومشاعرهم، والكيّس هو الذي يحول اللقاءات مع الآخرين إلى لقاءات لا تمل. في واقع الحياة عندما نلتقي أنسانا للمرة الأولى في حياتنا ينتابنا أحد شعورين، الأول إيجابيا حيث نشعر بأننا نعرف هذا الإنسان منذ زمن كأننا رأيناه من قبل، ونقول كم هو قريب، والشعور الثاني هو النفور والاستياء وعدم الاستلطاف دون مبرر بسبب أسلوب حديثه أو مظهره الخارجي غير المريح، لا أدري ماذا تسمى هذه المشاعر في علم النفس. الشعور الثاني في بعض الأوقات حين نتعامل مع هؤلاء الناس معهم قد نكتشف طبائع ونفسيات حسنة ومتواضعة تحبب الآخرين فيهم على رغم النفور الأول منهم. شخصياً أعتقد ويتفق معي الكثير أن مشاعر اللقاء الأول على نوعيها تحفر في الذاكرة وتبقى كذلك زمناً طويلاً ومن الصعوبة طمس الذاكرة بمشاعر جديدة، في الواقع أن اللقاء الأول في الغالب يطبع أكثر من 70 % من صورة الطرف الآخر.
هناك ما يسمى الكيمياء بين شخصين وهي شعور قوي بالانجذاب تجاه إنسان معين، ومع ذلك يظل الناس يطلقون لفظ «الكيمياء» مجازاً على أشياء عديدة في حياتهم اليومية، يخلق الرغبة في مشاركة الحياة مع هذا الإنسان على كل من المستوى النفسي والعاطفي. وتتألف الكيمياء من بعض المشاعر المركبة، وهذا ما يدل على الانجذاب نحو شخص ما دوناً عن سائر الأشخاص. تعجبني لغة الجسد ويتمتع بها من يعرفها وهي اللغة التي تشكّل طريق العبور إلى أفكار الآخرين. أتساءل هل يوجد حرج إذا كنت أكن بعض المشاعر لبعض الأشخاص حيث إني عندما أراهم أو أسمع بهم أعبر بها عن مشاعري التي أكن لهم. (مارسوا تجاربكم على كل شيء، إلا مشاعر الآخرين فهي محرمة)، نزار قباني.
لا يوجد اختلاف في وجود الانطباع الأول، ولكن يوجد تباين في مدى صحة هذا الانطباع ودقته، لكن خوفي يتمثل في عدم صحة هذا الانطباع الذي يؤدي إلى التباعد وعدم وجود كيمياء قوية. للأسف هناك من يعتقد إن الانطباع الأول عنك هو الانطباع الصادق وهذا ليس صحيحاً في واقع الحياة. للحواس أهمية كبيرة في رسم الانطباع الأول وما عليك إلا أن تحكم حواسك قبل أن تحكم.
همسة: من الصعب أن تغير انطباعك عن إنسان في اللقاء الأول.