د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
مرتْ في الخامس عشر من شهر يوليو الجاري قوافل ملأى من الرؤى والتطلعات والمحفزات والإشادات ترتاد مواقع الشباب وفضاءاتهم في بلادنا وكل دول العالم، وذلك في اليوم العالمي لمهارات الشباب، وهو يوم عالمي سنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليحمل كل ذي لُبّ من الشباب بلهفة محفزة حتى يصلوا إلى مساقط الغيث، حيث لهم موعد مع الفكرة الشاردة والقول الجلي وتبادل الثقافات وحوافز المواقف المبهجة والمثال القدوة والنموذج الرائد والعلوم والابتكارات والمهارات الاستباقية؛ فيطلقون أمانيهم ويستقون من الحوافز الفكرية ما يمهد لهم المسير نحو الابتكار الذي يخاتل التنمية والحضارة حتى يقترب ويقتربوا فيكون الاندماج العظيم الذي تُعول عليه الأوطان..
والحقيقة أن فئة الشباب أبرز الواجهات التنموية الوطنية، وأن واقع الشباب في بلادنا لم يكن خيالات تترى بل حقيقة ماثلة في تخطيط متفوق من قبل القيادة الرشيدة لصناعة أدوات التحضر والإعداد والاستعداد بكل تفاصيله لشباب الوطن. وأجزم أنه قد سبقني كثيرون إلى عرض تطلعات بلادنا نحو استثمار الشباب ممن سردوا وميضاً لافتاً في كل المفاوز السعودية، حيث تشرق رؤية بلادنا العملاقة 2030 بآفاق جديدة لتعزيز الجوانب الاتصالية والمعرفية والثقافية عند الشباب والارتقاء بمستويات الفكر، فكانت نتائج البدايات مجزية والتحول في حقيقته مهول يُغري بالسير الحثيث نحو الإتمام حيث أهدتْ الرؤية الذكية 2030 للشباب أبواباً مفتوحة كل واحد يفضي إلى الآخر لتنشق ساحاتها عن منصات ثلاث هي إلهام روح المبادرة والتفكير الإبداعي واستثمار الفرص الملهمة؛ ويبقى سمو الأهداف في برامج الشباب التي تبثُّ روح اتصال جديدة نامية تحتفظ خلالها الذاكرة بما يمكث في الأرض؛ ويبعث الفكر ليرسم الشباب أهدافهم.
فالعالم اليوم يفسح الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب! ومن الحضور المشاهد للشباب في بلادنا وبرامج الشباب جميعها أن هناك مدًّا واسعًا متحفزًا، وكأني بالشاعر الأمير عبد الله الفيصل -رحمه الله- يرى الشباب وقد اجتمعوا ليصنعوا المستقبل الوطني الكبير.
مرحى فقد وضح الصواب
وهفا إلى المجد الشباب
عجلان ينتهبُ الخطا
هيمان يستدني السحاب
في روحه أمل يضيء
وفي شبيبته غلاب
وعليه فلنبني الحياة
ولا نساوم في الثواب
ولننطلق في عزمنا
مثل انطلاقات الشهاب
ونحو المجتمع الحيوي والوطن الطموح والاقتصاد المزدهر عقدتْ قيادتنا الرشيدة مع الشباب علائق متينة في أعماق التنمية وتحقيقها فيما بينهم وبين مجتمعاتهم ووطنهم، وبنتْ لهم طاقات تنفتح فيهطل منها الخير: والمهم في نظري أن يقضي الشباب أوقات وعي في منصات نامية تستثمر في خلق الأفكار والقدرات لدى أولئك الشباب، وأن يكون إدراكهم للصورة الكلية لمرتكزات التنمية من الصور البصرية الماثلة، وأن تكون أذهان الشباب عالقة في فضاءات الوطن. وأن يكون نداء الوطن أشبه بضوء شفيف يدل على مراسي الميناء، وأن يندفع الشباب بأحلام أكثر إبهارًا ووضوحاً نحو الريادة في نواتج العقول مما ينصهر في ترقية الواقع المجتمعي، فلبّى الشباب السعودي النداء الوطني وهم فخورون وعازمون على تشريح كل الخطابات المثبطة للهمم وتحييد كل العوامل السالبة للعزائم، وبث المسئولية الوطنية والنهوض بواقعها ولأن الشخصية في عمومها هي القدرات والأخلاق والقيم وتعتبر ضامناً أساسياً للحصول على مكاسب الثقة في المجتمعات؛ فقد كان ذلك متكأ تنشده قيادة بلادنا الرشيدة في أولئك الشباب.
بوح وطني من الزمخشري رحمه الله،،،
«يا أعذب الحب آمالي قد ابتسمتْ.
في موطنٍ رقصتْ في جوِّه النِعَمُ
وقد بسطتُ بها فيئاً يظللنا
والخير ما زال فياضاً به الكرمُ
وكلُّ خافقة جاش الحنين لها
صاغتْ بحباتها في حبك القَسَمُ