مها محمد الشريف
من الطبيعي في أيامنا هذه أن نبحث عن طريقة ما لتخفيف حدة ارتفاع درجات الحرارة بكل الوسائل، فموجة حر غير مسبوقة تضرب عددًا من دول العالم تجاوزت 50 درجة مئوية، وتأتي موجة الحر بعد سنة اتسمت بجفاف ونقص في هطول الأمطار خلال أشهر الشتاء في بعض الدول، وتوقعات بتسجيل أرقام قياسية للموجة الحارة في إيطاليا، وقالت وكالة الفضاء الأوروبية إن موجة حر شديدة تجتاح مختلف أنحاء أوروبا مع تجاوز الحرارة الـ40 درجة مئوية، مما دفع دولاً إلى اتخاذ إجراءات، مثل إيطاليا التي أصدرت تحذيرًا باللون الأحمر لمواطنيها.
مع تقاعس اهتمام أحزاب يسارية غربية بقضايا البيئة منذ سبعينيات القرن الماضي، انعكس سلباً على السياسات الرسمية ولم تهتم بالتطور البيئي لضمان الاستجابة الضرورية لارتفاع مستوى سطح البحر وتراجع التنوع البيولوجي، كما حدث في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أنكر حقائق علمية حول المناخ وانسحب من اتفاقية باريس عام 2017.
وأضافت الوكالة التي تراقب أقمارها الصناعية درجات حرارة الأرض والبحار أن إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا تواجه أوضاعاً شديدة الصعوبة بسبب موجة الحر التي يعزوها الخبراء بالأساس إلى ظاهرة الاحتباس الحراري المتسببة في التغيرات المناخية.
وعلى غرار أوروبا تشهد مناطق بجنوب غربي الولايات المتحدة موجة حر مماثلة تؤثر على نحو 100 مليون شخص، وتشير التوقعات إلى إمكانية تحطيم درجات الحرارة أرقاماً قياسية سابقة خلال الأيام القليلة المقبلة، وعلى غرار أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك والصين تعاني دول عربية عدة من موجة حر شديدة قد تستمر في بعضها حتى نهاية يوليو/ تموز الجاري.
فعندما يتطرف المناخ يؤكد بما يسمى ظاهرة النينو، وهذه الظاهرة هي تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي، تؤثر على المناخ في الكثير من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وتؤدي إلى زيادة في درجة حرارة البحر، وأيضاً ارتفاع في درجات متوسط درجة الحرارة العالمي، بينما تُعرف مرحلة التبريد بـ ظاهرة اللانينا وهي عكس ظاهرة النينو.
في هذه الحالة يمكن أن يشير الوضع الراهن لفرض نفسه على الواقع اليوم الذي سيحث بشكل كامل اجتهادات عالمية لمواجهة تطرف المناخ والأسباب المؤدية لذلك، فالإرادة المشتركة في ظرف معين توافقه جميع الأطراف، وخاصة بعد أعداد الوفيات من موجات الحر، المرشحة للارتفاع داخل القارة الأوروبية في المتوسط بأكثر من 68000 حالة وفاة كل صيف بحلول العام 2030، وأكثر من 94000 بحلول العام 2040 .
إن أحكامنا لا تتوقف أبداً حول الأشياء التي دعت لهذا التطرف المناخي، ويتطلب تلاؤماً حقيقياً للأعمال من أجل معالجة الأسباب المختلفة، فالغرب مسؤول بشكل كبير عن هذه الانبعاثات نظراً لحجم الإنتاج الصناعي الضخم لديه، ومن هذه الغازات غاز ثاني أكسيد الكربون لما له من تأثير واضح في المناخ، وقد أدت هذه الغازات أيضًا إلى رفع درجة حرارة كوكب الأرض ما يقرب إلى 1.5 درجة مئوية، وهذه الغازات تعرف بالغازات الدفيئة أثناء الثورة الصناعية.
لا شيء هنا يدعو للدهشة فالكل يعلم بهذه الدوامة والتي تتلخص بالخطر على حياة البشر بشكل كلي، حيث إنه يتسبب في موت ما يقرب من 150 ألف شخص سنويًا، ويتسبب أيضاً التطرف المناخي في اختفاء ما يقارب 20 % من الأحياء البرية، وذلك في بداية مجيء عام 2050، انهيار المجال الزراعي بشكل واضح، وظهور ظاهرة التصحر في الكثير من المناطق، نتيجة لإزالة الطبقة النباتية أو ما يسمى بـ «تعرية التربة» في العديد من المناطق.
لذا فالسياسات ترفض تعريفه بما يتناسب مع حجم الكوارث الطبيعية التي تتعرض لها بعض الدول وظهور الخلل في الأنظمة الحيوية الطبيعية في البيئة، والجفاف وقلة الأمطار، وقلة مياه الشرب، وانتشار ما يسمى بظاهرة التصحر في الكثير من الأراضي الواسعة، حدوث كثير من الفيضانات في مناطق متنوعة من العالم، وانصهار الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي، مما يعمل على ارتفاع منسوب البحار، فيؤدي ذلك إلى اختفاء كثير من المدن الساحلية، واختفاء بعض الجزر.