علي الزهراني (السعلي)
أيها السجين:
بالحرف داخل قضبان الصدر السلام عليك ورحمة منه وبركاته أما قبل:
كلنا تتخبى في صدورنا لجلجة الحروف وقعقعة الأنين ولوعة الخافق والكثير من الأشواق إن خرجت أحرقت من يقرأها ولكن..
لا بأس أيها النديم السجين:
فإن أطلقت سراحها فاعلم أنها نهاية البداية بمعنى دعك من الساخرين الشاكتين الناقمين الكائدين فهم سيلوكون حرفك وقداسة سطرك شئت ذلك أم أبيت سواء كنت داخل الصدور أم دلفت أبواب مدينتك الفاضلة فاقرأ عليهم السلام بعد أن تصلي عليهم صلاة الغياب وأعلم أيها القابع خلف القضبان:
إن القراءة أقصد مداومة ذاتك محاسبتها جلدها باللوم لا يفيد بل سيعيدك من نقطة الصفر وتبقى حروف الندم هي زادك فتمرض فماذا تفعل إذا؟ تقتل روحك!
لا وألف لا قمْ وتوضأ بالحروف واغتسل بزمزم الكلام واتجه نحو قبلة الأمان وانثر حروفك ليسمعه الآخرون حتى إن كانت مغلّفة بالآهة وإن أحرقت بنار الشوق وإن دخلت بستان كله أشواك لا يهم الأهم أن تنهض يا سعود الحرف ومالكي المذاهب كن شافعي البحور
يا أجمل أنفاس العطور والبخور..
أما بعد أيها السجين خلف قضبان الهوى:
سأحكي لك قصة من خرج الحرف من سجنه في ليلة مطيرة والضباب يعتم بالجبال والأغنام حائرة والراعي في غفوة ومنام والشجر يرتعد بردا والعنب تدلّى بعنقوده منكسرا حزينا والقرية ساكنة…
سمع دوي نحل، وهرج ومرج، والناس فاقت والضباب انقشع ورغاء الشياه يسمع، والشجر استقام خائفا يترقب..
واتجه الجميع نحو حفرة أحدثها سقوط نيزك الحروف وكأن الليل أصبح شمسا والكل يقرأ ما أحدثته الحروف:
(أنا سطر خرج من صدر مظلوم
وانحاز للحياة
وانفرط القهر على الكلام
والسلام)
صفق الجميع مرددين هكذا هي الحرية فالتحيا أيها الحرف لبداية قصة السلام
سطر وفاصلة
لا تخف وأنت معي
تحت قُبّة خيالي
في روحي
بين رموشي
وحين أبكي
احذرْ أن تسقط في مَدْمَعي
ظَلّ راقبها وهي تنحدر
من عينيّ
تتدلّى خائفة مِنْ وجْنَتيّ
فمع كل دمعة حكاية
الكاتب، والبطل، والراوية
في داخل النَصّ وشاية
دعها تهرول كضحيّة
فرّتْ من صديقاتها
تائهة معي!