أمين شحود
يقولون: فلان (ترتعدُ فرائصُهُ)
الفرائص: جمع (فريصة) وهي عضلة بين الكتف والصدر على كل جانب ترتجفان عند الفزع، وهما من عضلات الصدر. وتقال تلك العبارة لمن يرتعدُ عند الفزع والخوف الشديد.
ومنه قول الشاعر:
دمث الخلايق وهو ذو العزم الذي
من بأسه ارتعدت فرائصُ أسده
كثيرة هي الحالات التي تجعل فرائصنا ترتعد يومياً، فأنا على سبيل المثل ترتعد فرائصي إذا سمعت «خربشة» وسط السكون أو لمحت حبلاً متدلياً من سقف أو خزانة، وإذا رأيت صرصوراً على إحدى الحواف متأهباً للهروب وأحياناً الطيران عند أي محاولة منك لقتله، وإذا قال لي أحد تعال أريدك بكلمتين على انفراد، وإذا اقترب مني شخص في الشارع يبدو عليه الجنون أو نصفه، وإذا عطس أحدهم بجواري بقوة 6 درجات على مقياس ريختر، وإذا صارت نسبة الشحن 1 % وليس عندي شاحن، وإذا أدخلت بطاقة الصراف للماكينة ولم تخرج، وإذا اتصل عليّ صاحب الإيجار في غير أوانه أو طرق طارق بالليل والناس نيام، وإذا صمتت الأنثى فجأة بعد طول حديث، وإذا وقفت على الميزان وشاهدت رقماً مكوناً من 3 خانات، وإذا وضعت يدي على جيبي فلم أجد جوالي، وإذا لمع نورٌ أبيض عند الإشارة، وإذا أقلعت الطائرة وأحدثت أجزاؤها أصواتًا فكأنها «حتتفرتك»، وإذا باغتتني قطة بالخروج من حاوية النفايات عند رمي الكيس.
الخوف من سمات الإنسان الفطرية، لا نكبته فنؤذي أجسادنا ولا نبالغ في إظهاره فتتضرر سلوكياتنا، بل نواجهه بحكمة ونسأل الله دوام الأمن والأمان، ولنتذكر مصائب أهل الزلازل والحروب ونحوهم لنحمد الله على النعمة.
أيها الآمنون: لا تزيدوا معاناة الخائفين ولا تنتقصوا من مخاوفهم ولا تبتعدوا عنهم، فإن أولئك الذين يرتعدون باستمرار فيهم صفات جذابة، مثل حلوى «الجيلي» الذي «يرتعد» ومع ذلك فهو جميل الشكل طيب المذاق رائع اللون طري الفؤاد.
قيل لحكيم: هل يسامح الإنسان؟
قال: نعم قد يسامح الكل.. ربما يسامح من أغضبه ومن أحزنه ومن اغتابه، إلا من أخافه يوماً فإنه لا يسامحه!
قيل: فكيف نتعامل مع المخاوف عامة؟
قال: استشعر مخاوفك واستشعر نعمة الأمان معها، فلولا الخوف لتبلد الإحساس ولأصاب الناس الخمول والركون.
قيل: فماذا أفعل إن كنت خائفاً من «بكرة»؟
قال: نَم، واستيقظ بعد «بكرة».
أكتب إليكم وروعي قد هدأ وشعرت بالاطمئنان إلا أن صوت بابٍ قد أغلق بقوة و»خبطه» صاحبه بقسوة قد أعادني لنقطة «الارتعاد».