ليلى أمين السيف
عندما سمعت لأول مرة أخي يقول إن شرطه الوحيد في زوجة المستقبل أن تكون زوجته «صديقة وخفيفة ظل».. حيث إن قلوب الأصدقاء دوماً مزهرة ولقاؤهم ربيع دائم وأجواؤهم رحبة ذات نسائم عليلة..عكس رابطة الزوجية المعتادة لدينا فهي مملّة بعد حين مرهقة بمطالبها والتزاماتها..
يريدها أن تكون كل الأصدقاء فالأصدقاء أنواع منهم المرح وآخر كتوم وغيره ذو دين ولكن هناك من هو كلهم في شخص واحد..
خفيفة ظل ولم يحدد أبداً أن تكون جميلة ولكنه تمنى أن تكون ذات روح حلوة فلا معنى للجمال إن كان بارداً بلا روح..
وقتها استغرب الكثيرون من شروط أخي ولكنني مع الأيام فهمت معنى أن يكون شريك حياتي.. صديقي أو كما تقول ابنتي مرام أريده متديناً حتى كأنه لا يفارق سجادته ولسانه لا يخلو من ذكر الله وفي ذات الوقت نركض أنا وهو في الشوارع نتراقص ونركض خلف الغيم ونغني بأعلى صوتنا كأنه ما مثلنا أحباب..
مرت هذه الذكريات ببالي وأنا أشاهد أنماطاً مختلفة من الزوجات والأزواج..
جرت العادة ألا يكون هناك خيار للمرأة سوى القيام بواجباتها وواجبات غيرها من أفراد الأسرة وتم إفهامها أن هذا هو صميم عملها وإن هذا هو ما خلقت له.. إرضاء جميع أفراد الأسرة صغيرهم وكبيرهم بعيدهم وقريبهم..
في كل مرة أطبخ.. يمتدح طعامي أبنائي وأبي رحمه الله وصديقاتي ولكنني لم أسمع كلمة مدح من زوجي إلا إذا كان هناك عيب ما في الطعام..أو إذا طلبت رأيه شخصياً..
اعتقدت إنني الوحيدة في ذلك وإذا بالكثيرات يشكون ذات الشكوى ولكنني رأيت زوجي وغيره من الرجال يمتدحون طعام الأخريات..
إحدى الصديقات يعجبها طبخي.. صرت عندما أذهب لها, وأطبخ أنا الغذاء وفي كل مرة أنوع لها الطبخ.. كان يعجبني منها ردة فعلها فهي تستطعم وتستلذ كل مكون في الطعام كما كان يفعل أبنائي وعندما تأكل تجعلني أشعر وكأنني صنعت معجزة. لذلك في كل مرة أطبخ لها أكلة جديدة.. وأنا سعيدة رغم تعبي..
قال لي زوجي لماذا تطبخي لها هناك وتتفنني لها؟ قلت له لأنني أشعر أنني أصنع شيئاً بحب وليس واجباً.. ورأيتك تمتدح طعام الغرباء في كل مرة.. ولم تبدِ رأيك في كل ماأصنع ولا مرة.. قال إنه يفعل ذلك لأنه لابد من المجاملة؟
«إذاً أنت تفهم؟» قلت لزوجي..
«وزوجتك؟ ألا تحتاج هذه التي تفني نفسها في الطبخ لكم أن تمتدحوها مثلما تنتقدوها».
إذا دخل الرجل على زوجته بربطة صامولي بريال فإنها تمتدحه وتشكره وترفع من شأنه أمام أبنائه وأهلها وأهله وجيرانه ولن تتحرج أن تخرج وتنادي في الشارع أن يبقيه الله لها ذخراً لها ويجعله تاجاً لرأسها ويبقيه أبد الآبدين كريماً معطاءً..
ورغم أن بعض النساء لديهن من المال الخاص أو الراتب أو أي شيء وممكن أنها تفوقه في المال ولكنها تعلمت من والدتها أن تمتدح زوجها عمال على بطال كي تشبع فيه غريزة الأنا وأنه لا قبله ولا بعده..
ومع ذلك لا تجد من لدن هذا الزوج إلا السكوت الذي يسميه هو إنه رضا عنها واستحساناً لما تصنعه..
يا أيها الأزواج.. العلاقة الزوجية ليست علاقة واجبة فقط..
ولكنها علاقة دائمة وقد تستمر هذه العلاقات ثلاثين عاماً أو أربعين لخمسين عاماً وزيادة..
سوف تتخللها حالات من الكآبة والملل إن غلفها الروتين والواجب..
إن تقدمت زوجتك نحوك خطوة.. ابذل أنت كذلك جهدك لتلتقي معها في مسار آمن لتتوج العلاقة المقدسة بحب واطمئنان ومشاعر متدفقة غير باهتة لا يؤثر عليها الزمن ولا ترهقها التفاهات..
إن حالات الطلاق إو الانفصال الروحي بعد أن يكبر الأبناء كثيرة.. وعلى الأزواج أن يبادروا مبكرين قبل أن تذبل المشاعر وياويلكم أيها الرجال إن ذبلت مشاعر زوجاتكم فلن توقظها أعتى المغريات..
- للحديث بقية