علي الخزيم
- يحل موسم الأفراح والليالي الملاح؛ وتستعد الأُسر لتعيش فرحة زواج أبنائها وأقاربها مبتهجة بالملبس الحسن والمظهر اللافت، والابتسامات العريضة المُعبرة عن السعادة الغامرة؛ رغم أن الابتسامة العريضة لا تُصنف من الابتسامات الجميلة المفضلة، فالعرب في أشعارها تَصِف ثَغر الحبيبة والصَّبية الفاتنة بالخاتم المصقول.
- ملابس الأفراح لا سيما المُتكلَّفة المُبالغ بنوعها وتفصيلها (وتفاصيلها)، والتجمُّل المظهري من مساحيق وتصفيف الشعر وصَبغه، والتباري باختيار الغريب والمختلف مهما كلف من ثمن ووقت: هو نوع من عدم الانضباط بالمصروفات وإدخال الأسرة بارتباك مالي قد يدعوها لتحمُّل الديون لما لا داعي له، فمن الشجاعة المشاركة بالأفراح بالإمكانات المتاحة وكفى.
- القادرون مِمَّن وهبهم الله سبحانه وتعالى سعة من الرزق لا لوم عليهم إن استمتعوا بالملبس والعطور والمأكل الطيب فهي قسمة ربانية ولا يحسدون عليها، غير أن اللوم على من أسرف بهذا الجانب وتجاوز حدود المتعة المباحة إلى امتهان النِّعم وتبذير الأموال والتَّباهي الأبله المُفضي لما قد يُلامس مرحلة الفسق وكفران النعم والعياذ بالله.
- يغيب عن بال بعض الموسِرين حين ينشرون صور ومقاطع حفلاتهم وأفراحهم على الملأ أن هناك مِن ذوي الحاجة والمُعوزين مَن تتوق أنفسهم لإقامة حفل متواضع لزواج ابنهم أو ابنتهم، أو تحقيق أمنية أو توفير مَطلب مُلِح لأحد أفراد أسرتهم ولا زالوا عاجزين ومُحبَطين.
- ألا يعلم أولئك الموسرون ممَّن أنعم الله عليهم وينشرون صور حفلاتهم وتنقلاتهم السياحية مستمتعين جذلين؛ مدى الألم الذي تُحدثه مقاطعهم وصورهم المبثوثة عبر الفضاء الاجتماعي على كثير من الأفراد والأسر؟ فثبت أنها سبب لشعور البعض بالضعف والقصور، والعجز عن إقناع أبنائهم وأزواجهم بأن الله سبحانه هو من جعل الفروق بين عباده، وأن القناعة أغلى من كل ذلك.
- نعم؛ سيقولون إننا نمارس حقنا بالاستمتاع ولا نُجبر أحداً على تقليدنا والسير على خطانا، وإننا حين ننشر صور حفلاتنا ورحلاتنا بالمنتجعات الفاخرة لم نقصد إغضاب ومناكفة الآخرين؛ ونفعل كل هذا بتلقائية نزيهة بعيدة عن بقية التفسيرات ومجردة من كل النوايا السيئة المحتملة، وسيقولون بأننا غير مسؤولين عن مشاعر من يشاهدنا ويعجز عن فعل الشيء ذاته.
- أجل؛ قد يتقبل البعض هذا التبرير والتأويل، غير أن مقاطعَ وصوراً مماثلة تُظهر بعض من عُرف عنهم الورع والدعوة للزهد وفعل الخيرات تجاه الفقراء والمساكين، ومنهم الدعاة وقراء القرآن المشهورون، والناشطون بالأعمال الخيرية، فإن كان من حقهم أخذ نصيبهم بمتعة السياحة والاستجمام؛ فإن المأمول - برأي الكثيرين - هو عدم الظهور العلني المتعمد بالصوت والصورة وتكرار ذلك بمواقع سياحية وفنادق فاخرة ومنتجعات ساحرة، فقد خالفوا أقوالهم بأفعالهم.
- بالمناسبة: فإن حسابات مشبوهة تبث سمومها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُؤجِّج أوار المشكلات الأسرية مع موسم الأفراح داعية الشابات والشباب للوقوف بوجه الآباء والأمهات لتحقيق مآرب وتوجهات تخالف العادات بعد إتمام الزواج، وهي حسابات أفراد مأجورين - يقال - إنها من الداخل والخارج وتستهدف مجتمع المملكة والخليج، وأحياناً الأسرة العربية والإسلامية كافة، فاحذروهم.