عمر إبراهيم الرشيد
لو لم يقم ذلك النكرة الذي سعى إلى شهرة رخيصة وسريعة بتلك الإساءة إلى المصحف المكرم، فهل كانت تلك الجموع ستخرج بالآلاف في إحدى ساحات مدينة مالمو السويدية، ليتلوا سوراً من القرآن الكريم جماعياً وبصوت واحد تقريباً، في رد حضاري ومهيب يجعلني أزعم أن من سر لحركة ذلك النكرة ساءته اليوم هذه الهبة الرائعة من المسلمين هناك، وصار يعض الأنامل من الغيظ. وقد قلت سابقاً بأن إعادة نشر مشهد تلك الحشرة في منصات الإعلام الاجتماعي هو نشر وتعزيز لمراد هذا المعتوه، وهي الشهرة بأقصر الطرق، حتى لو قصد ناشره الإدانة والاستنكار. وشتان بين الشهرة والشهرة، فموسى عليه الصلاة والسلام يعرفه المسلم والكافر قديما وحديثاً وإلى قيام الساعة، وكذلك فرعون الذي عاداه وحارب دعوته للتوحيد، لكن لا يقارن الأول بالثاني قطعاً.
سمعة أمريكا
يقال عند احتدام الخطر بأن (النار قد وصلت الباب) ويقال هذا في حق معقل الرئاسة الأمريكية أو أشهر بيت رئاسي في الوقت الحالي وهو البيت الأبيض. فمهما يكن من تبرير بأن ما وجد في أحد أروقته من مادة مخدرة بأن ذلك يندرج ضمن التنافس الانتخابي لا يقبله عقل، فأمريكا ومنذ سنوات غير قليلة قد بدت وكأنها تنكفئ على نفسها وتنحدر إلى قاع مصائبها، فمن الديون التي تعد الأعلى في العالم (تزيد على 30 ترليون دولار) إلى تراجع دورها الدولي لصالح الصين وروسيا، مروراً برئيس يهذي وتراجع وندرة في الشخصيات القيادية والزعامات السياسية في البلاد وغيرها من مظاهر التراجع الأمريكي. فمن يقرأ في تاريخ أمريكا وطريقة تأسيسها واستقلالها عن بريطانيا، وعن آبائها المؤسسين ابتداءً من جورج واشنطن ومروراً بتوماس جفرسون، ابراهام لنكون، ثيودور روزفلت وخلفه فرانكلن وجون كينيدي، ثم يتذكر بوش الابن وبايدن مثلا، يدرك البون الشاسع بين أمريكا الأمس واليوم. وحري بالقول بأن هذه المعطيات لاتعني بأن أمريكا قد ضعفت ولم تعد قوة عظمى فهذا حديث عاطفي بعيد عن الواقع أو سابق لأوانه، فما زالت أمريكا قوة عظمى حتى حين، وإن تبوأت الصبن مكانتها اقتصادياً وعادت لروسيا هيبتها، لكن بلا شك أن أمريكا لم تعد كما كانت وهذا هو المقصود، إلى اللقاء.