ميسون أبو بكر
من الناس المجتهدين الذين مررت بهم في حياتي وظلوا ذخيرة الذاكرة العم عثمان الكويليت ( أبو طارق) الذي تجاوز التسعين عاماً أطال الله عمره، والذي ما زال يحتفظ ببنية جسدية قوية لا يستغربها من يعرف أنه لواء سابق تلقى تدريباً عسكرياً جسدياً ساهم في حفاظه على لياقته البدنية ونشاطه الذي يمكنه أسبوعياً من السفر من الرياض إلى حائل لمتابعة مزرعته هناك التي زرع بها إضافة لأشجار الحمضيات آلاف من أشجار المورنجا التي يستفاد من زيتها وورقها في استخدامات كثيرة، والتي تناسبها أجواء المملكة الحارة صيفاً، ثم قام بمشروعه الأخير العسل من زهرة المورنجا الذي أنتج منه مؤخراً ثلاثمائة وخمسين كيلو.
يعتبر أبو طارق من المؤسسين المساهمين لجمعية اليسر والنباتات الصحراوية التي كان هدفها الاعتناء بزراعة المورنجا الحديثة العهد في المملكة وتكثر في العلا ومناطق كثيرة نظراً لأنها تتلاءم مع أجواء المملكة.
ما يدهشني إصرار الرجل القدير على الاعتناء بنفسه بمزرعته وعسله وأشجاره المتنوعة التي يكرم علينا بثمارها من البرتقال والكمنغوا ومؤخراً زيت المورنجا المفيد في الأكل والعلاجات الجلدية والذي يطمح الأستاذ عثمان أن يجعل منه منتجاً سعودياً عالمياً كما زيت الأرجان المغربي الذي تقوم عليه صناعات منتجات التجميل والشعر المطلوبة بشدة والتي ساهمت مع سياحة ناجحة للمملكة المغربية أن تضع المغرب في مكانة مهمة اقتصادياً وسياحياً حيث تهتم الفنادق الكبيرة بعمل أقسام خاصة في الـ(Spa) تعتمد على منتجات البشرة والشعر من الأرجان التي أقبلت عليها شركات عالمية لتصنيعها وتصديرها للعالم كمنتوجات تتبع (براندات) عالمية؛ ومن مشاريع العم أبو طارق وطموحه أن يجعل من شجرة اليسر (المورنجا) التي تنتجها المملكة بكثافة ذات الشأن للأرجان حيث قام بدراسات وفحوصات مخبرية أوكلها لمختبرات معتمدة لتأكيد أهميتها الطبية والعلاجية.
من المهم أن تكلل جهوده بالنجاح وتحقيق حلمه هذا وهو الرجل القدوة الذي يمنح ما حوله الإيجابية في الاجتهاد والعمل الدؤوب وتجاوز المعوقات لتحقيق الهدف والاستثمار في خيرات المملكة والأجمل أن اهتمامه ليس مادياً فحسب بل يتعداه إلى حلم وطني أكبر بكثير، وإنني في مرات كثيرة استأذنت زوجي .. صديقه القريب للاستماع لمشاريعه ومشاركتهما مجلسهما للاطلاع على آمال ومشروع الرجل القدير بل قمت بزيارة لمزرعته في حائل والتي يسافر إليها بشكل أسبوعي للوقوف على العمل ليرى حصاد حلمه وجهده بعينيه، ولا أصف للقارئ الكريم فرحته وهو يحمل غلال العسل في مركبته عائداً بها إلى الرياض والتي خصص جزءاً منها كوقف لمساعدة المحتاجين.
التسعون عاماً هي قصة كفاح متواصل لم تثن صاحبها عن الحلم والتفكير المستمر والتخطيط لمشاريع مفيدة متجددة وهذا الرجل لا بد أن يكون نموذجاً وقدوة لشباب اليوم وكلما مر السيد عثمان الكويليت على البال تذكرت المقولة التي احتفظت بها منذ طفولتي «من زرع حصد، ومن جد وجد ومن سار على الدرب وصل».