م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- كلمة «تأطير» مأخوذة من اللغة الإنجليزية (Framing)، وهي كلمة تستخدم أيضاً في اللغة الإنجليزية لوصف حالة جنائية مثل تزييف الحقيقة، كاتهام بريء بجريمة لم يرتكبها، وذلك بتلفيق تهمة له من خلال دس سلاح أو قطعة من الممنوعات في منزله أو مكتبه أو سيارته.. أما في الإعلام فتستخدم كلمة «تأطير» للرفع من شأن شخصية ما أو التقليل من شأنها بشكل مبالغ فيه، وترسيخ ذلك في ذهن المتلقي.
2- التأطير الإعلامي هو عملية مستمرة لصناعة واقع إعلامي يومي للجمهور، وإمداده بالمعلومات التي تعمل على ترسيخ ذلك الإطار الذي يحيط بالصورة المطلوب إبرازها.. وهو يقوم على بناء المحتوى الإخباري بشكل يدفع المتلقي إلى اتخاذ موقف فوري تجاه القضية المطروحة، لأنه يقدم تفسيراً مؤطراً موجهاً انتقائياً، ويدفع المتلقي تجاه اتخاذ قرار فوري في الانحياز إلى رأي ضد آخر.
3- تأطير الصورة الإعلامية يعني تقديمها بالشكل الذي يتقبلها المتلقي كما يريدها المرسل، مستفيداً من خلفية المتلقي الثقافية أو السياسية أو القِيَمِية، بحيث يتقبلها المتلقي حتى لو خالفت أو تصادمت مع قناعاته أو مرجعياته.
4- التأطير الإعلامي غايته تشكيل الأفكار، وتحديد الاتجاهات حيال قضية محددة، وهدفه التأثير على طريقة استجابة الجمهور وتفاعله مع القضية المطروحة.. ويتم ذلك من خلال الانتقاء المتعَمَّد لبعض جوانب الحدث وإبرازه، أو انتقاء جوانب أخرى والتعتيم عليها، أو استخدام مفردات محددة لوصف الحدث وتقييم أبعاده.. حيث تتحول وسيلة الإعلام في هذه الحالة من ناقل إلى مؤثر وموجه.
5- التأطير الإعلامي يستخدم دائماً في السياسة والمحاماة وذلك لبناء حجة، أو اشتقاق برهان، أو عرض مبررات، أو تقديم مقترحات، أو إبداء رأي لأغراض دفاعية أو هجومية.
6- تنطلق فكرة التأطير الإعلامي من أن الأحداث لا تنطوي بحد ذاتها على معنى معين، إنما تكتسب ذلك المعنى من خلال تأطيرها بشكل يحدد زاوية الرؤية، ويجعل المعنى المطلوب توصيله منطقياً ومقبولاً لا يقاومه العقل من الوهلة الأولى.. وإذا تجاوز ذلك المعنى المطلوب المقاومة الفورية المتوقعة فهو غالباً سوف يسكن في العقل الباطن بلا مقاومة.
7- التأطير الإعلامي يقوم على الانتقاء والإبراز والتعتيم في عرض الفكرة المحورية للقضية، من خلال وصفها بشكل عام، وتحديد أسباب حدوثها، وتقديم الحلول المقترحة لها.. ومن ثم القيام بتحليل مضمون يرتكز على عناصر الاتصال الرئيسية وهي: المرسل، المحتوى، المتلقي، الثقافة المحيطة.
8- التأطير الإعلامي للقضية أو الحدث أو الأشخاص يركز على السمات أو المعنى وليس على الحقائق أو تفاصيل القضية أو الحدث.. فالتأطير الإعلامي لا يقصد به الإخبار أو التبليغ بل التوجيه لكيفية التفكير في تلك القضايا أو الأحداث الواردة في الأخبار.. أي أن دور التأطير هو تشكيل معارف واتجاهات الرأي العام، بحيث تساعد في سرعة إدراك الجمهور لها وسهولة تذكرها.
9- أخيراً: نظرية التأطير الإعلامي تأسست على يد عالم الاجتماع الأمريكي «قوفمان» عام (1974م).. أي أنه علم حديث يقوم على طريقة تقديم المحتوى الإعلامي بشكل يضفي على المضمون معنىً ومغزىً محدداً لخلق إطار تصوري يصدر فيه حكم المتلقي، مستفيداً من القاعدة التي تقول إن الحكم على الشيء فرع من تصوره.