علي الخزيم
- حين يشعر (مُغرد أو مُدوِّن) ونحوهما ممَّن كانت الأضواء تمنحه شيئاً من الشهرة بانحسارها عنه تَدَرجاً؛ يلهث للتعلق بِبَصِيص الضوء حتى لا ينساه جمهور المتابعين، فيسلك طرقاً خارج السياق المألوف بسلوكيات التواصل الاجتماعي.
- وليتشبَّث أحدهم بدائرة الضوء الجماهيري لئلا يفقدها تماماً؛ يأخذ بأسباب قد تكون ممَّا كان ينبذه وينهى عنه من توجُّهات غير مقبولة، وحين فقد واستنفد وسائله لجأ إليها للبقاء مع الضوء والجمهور، ثم بعد الضجيج يحذفها أو يزعم أنه أُسيء فهمها.
- تتباين وسائل التَّعلق بالأضواء والتمسك بميول الجماهير عبر وسائل التواصل؛ فمنهم من يُجيد الاصطياد حتى بالمياه الطينية العكرة، ومنهم من يخبط (خبط عشواء) يُصيب مراده بعض الوقت ثم يخبو وهجه مع تزايد الانتقاد السلبي ضده ومهاجمة الجمهور لطريقته الفجَّة، و(العشواء) ناقة لا تُبصر جيداً وهو من قول زهير بن أبي سُلمَى:(رأيت المَنايا خَبط عَشواءَ من تُصِب
تُمتْه ومن تُخطئْ يُعمَّر فيهرم)
- فالمتذاكي يبحث عن بلد أو جهة ذات سمعة طيبة ولها جماهيرية عريضة وصِيت عالٍ محلياً ودولياً ليفتعل التحرش بها بتوجيه انتقادات لاذعة أو شماتة خاطفة أو همز ولمز بسياساتها وأنظمتها وشؤونها الداخلية والخارجية، كمن اتهم المملكة العربية السعودية بمسؤوليتها عن حوت القِرش المفترس بناحية من البحر الأحمر، ومن كان ينادي أثناء موسم الحج المبارك الأخير بجعل الحج إلكترونياً دون الحضور للمشاعر المقدسة (online).
- فذاك الذي يدعو للحج عن بعد إلكترونياً لَمَز إلى مكاسب المملكة المادية المزعومة من مداخيل الحج؛ وهو يعلم جيداً أنه غير صادق، وربما كان على علم بالأرقام المليارية التي تدفعها حكومة (مملكة العز والعزم والإنسانية) لخدمة ضيوف الرحمن، وأن الرسوم التي يدفعها الحجاج إنما هي لمؤسسات ودوائر داخل بلادهم قبل القدوم للمملكة، لكنه البحث عن شجرة مثمرة لقذفها لِلَفت الانتباه لشخصه وللبحث عن الضوء.
- من أوغَل بالكلام منادياً بالحج عن بعد لم يلتفت لحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام:(خذوا عني مناسككم)؛ فنحن مأمورون بتأدية فريضة الحج حسب الشرع القويم، كما أن العبادات ترتبط بمواعيد وتوقيت ومكان محدد، والشعائر الإسلامية حالات متكاملة متضافرة من التَّعبُّد الخالص والروحانية السامية.
- المتعلقون والمغرمون بالأضواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي لم يُكلِّفوا أنفسهم بالحديث ولو عن حقيقة واحدة مما يرونه ويسمعونه عبر وسائل الإعلام عن منجزات تحققها الدول أو الجهات التي يلمزونها ظلماً لمحاولة البقاء بدائرة الضوء، فهناك مثلاً دول ومنظمات دولية تكون - بسبب حالات الفوضى والتقصير - محل انتقادات كثيرة ولا يلتفت إليها المسيئون لأنها لا تحقق هدفهم نحو أضواء المجتمع الافتراضي.
- من أمثلة النجاحات والإنجازات التي لم يمض عليها سوى أيام قلائل النجاح الباهر لموسم الحج، وعمليات فصل التوائم المصرية والسورية وغيرهم بكل اتقان وبأعلى مستويات علم الطب والتقنية التي - بالتأكيد - لم تبلغها دول ينتمي إليها (المستهزئون)، وإنجازات غيرها يشهد بها وينوّه عنها ملايين من جنسيات أولئك المُنكِرين، غير أن شهوة الأضواء أعمت بصائرهم.